بولارد مقابل تحرير فلسطينيين

بقلم: بن ـ درور يميني
‘إن محاولة المقارنة بين التجسس الأمريكي الذي يحيط العالم وبين التجسس على نمط بولارد زائدة بعض الشيء. فبولارد هو أمريكي تجسس في صالح إسرائيل. وعندما تتجسس الولايات المتحدة في إسرائيل بواسطة جاسوس إسرائيلي ستكون المقارنة في مكانها. وهكذا فإن الكشف الاخير عن المتابعة الأمريكية لرئيس الوزراء ووزير الدفاع ليس سببا يجعل إسرائيل تعرضه لغرض تحرير بولارد.
‘وذلك لأن بولارد يجب تحريره دون أي صلة بما تفعله الولايات المتحدة في العالم. بولارد يجب تحريره لأنه يوجد في السجن منذ 30 سنة. بولارد يجب تحريره لأن جواسيس آخرين، أكثر ضررا منه بكثير حظوا منذ الآن بالتحرر. بولارد يجب تحريره لأن الولايات المتحدة تبالغ. واضح أن اعتقاله ليس عقابا. فهو ردع بالأساس. ليس ضد يهود الولايات المتحدة بل بالأساس ضد إسرائيل. الولايات المتحدة هي عملاق. أما إسرائيل فقزم صغير مقارنة بها. وهذا العملاق لا يحب أن يتذاكى القزم أكثر مما ينبغي. فقد كان للولايات المتحدة أسباب وجيهة للغضب. وهذا هو السبب الذي جعل بولارد يتلقى عقابا مضاعفا. ولكن حتى لو كان الحديث يدور عن عقاب نموذجي، كي يروا فيخافوا، فقد تلقنت إسرائيل الدرس.
للولايات المتحدة ولإسرائيل ليس فقط مصالح مشتركة بل وقيم مشتركة أيضا. والعقاب الوحشي ليس واحدا من هذه القيم. وحتى رئيس روسيا، فلاديمير بوتين، يفهم هذا. فقد حرر خصمه اللدود الذي حظي بعقاب مبالغ فيه لأغراض الردع. ميخائيل خودروبسكي في الخارج. حان دور بولارد. هذا في يدي أوباما.
حتى قبل بضع سنوات كان يمكن القول أن ‘المؤسسة الأمنية في الولايات المتحدة تعارض التحرير’. ليس بعد. لقائمة مؤيدي التحرير انضم أيضا لورنس كورب، نائب وزير الخارجية الأمريكي سابقا، بحيث أنه انقضى زمن الذريعة القديمة أيضا. مرت ثلاثون سنة. المؤسسة الأمنية في الولايات المتحدة تغيرت. ‘فمسؤولو اليوم كانوا أطفالا عندما دخل بولارد إلى السجن. لقد كان بولارد في حينه رجلا شابا. أما الآن فقد بات شيخا. متقاعدا. رجلا مريضا لقد أخطأ. إسرائيل اخطأت. والثمن دفع بفائدة مضاعفة. كل يوم يمكث فيه بولارد في السجن هو تحصيل حاصل لانعدام المنطق، للوحشية، للثأر الذي انقضى زمنه.
المسؤولية هي أيضا مسؤولية إسرائيل. فالسنوات الأخيرة تثبت بأن الولايات المتحدة تعرف كيف تنحني أمام الضغط. وأعمال الضغط الإسرائيلية لم تجدي نفعا. ولكن يوجد ضغط أمريكي دائم على إسرائيل. فمثلا، في موضوع تحرير السجناء الفلسطينيين، بمن فيهم أولئك الذين ارتكبوا عمليات إرهابية إجرامية. إسرائيل انثنت. ولكن يخيل أنه توجد لحظات نادرة يمكن فيها لإسرائيل أيضا أن تقول للولايات المتحدة: هذا بهذا. بعد أسابيع قليلة ستحرر إسرائيل مجموعة أخرى من عشرات السجناء. ولن يضرها إذا ما قالت للولايات المتحدة، عندنا أيضا يوجد رأي عام. والرأي العام الإسرائيلي غير قادر على أن يحتمل ضغطا أمريكيا لتحرير قتلة طالما كان بولارد، الذي بات شيخا ومريضا يواصل المكوث في السجن.
هذه اللحظة النادرة حلت. ليس لأن الولايات المتحدة تسللت إلى البريد الإلكتروني وهواتف أولمرت وباراك، بل لأن الكأس امتلأت. بولارد عوقب. إسرائيل عوقبت. والعقاب لم يكن فقط مضاعفا ومثلثا، بل مربعا ومخمسا. حتى اليوم تحدثت بكياسة. لا حاجة إلى الإنتقال إلى الكلمات القاسية تجاه الولايات المتحدة التي هي الحليف الأهم. ولكن هذه هي اللحظة لقول واضح في القنوات الدبلوماسية. لن يكون تحرير مخربين فلسطينيين بدون تحرير بولارد.