مركز بديل يوجه رسالة للرئيس واللجنة التنفيذية بشأن "استحقاق ايلول"

142338

وجه مركز بديل- المركز الفلسطيني لمصادر حقوق المواطنة واللاجئين، رسالة مفتوحة إلى رئيس وأعضاء اللجنة التنفيذية لـمنظمة التحرير الفلسطينية بشأن مشروع "دولة فلسطين" – استحقاق أيلول.

وجاء نص الرسالة التي صدرت عن مركز بديل كما يلي

"انه أيا كان فحوى خطة التوجه للأمم المتحدة، سواء تمثلت بإعلان الدولة، أو طلب عضوية دولة مراقب، أو طلب عضوية كاملة لدولة فلسطين، فإنها ليست مسألة قانونية محضة. فبصرف النظر عن الإجراءات والاشتراطات القانونية؛ سواء شرط صدور توصية ايجابية عن مجلس الأمن، أو الحصول على تأييد كافٍ من الجمعية العامة، أو حتى باللجوء إلى قرار 377 (الاتحاد من اجل السلام)؛ يبقى فحوى المشروع بأبعاده وآثاره سياسيا أولا وأخيرا. وليس من باب المبالغة القول أن آثار الخطوة، سواء فشلت أو نجحت، ستؤثر جوهريا على الوضع القانوني (التمثيلي) لمنظمة التحرير الفلسطينية، وعلى الحقوق الوطنية غير القابلة للتصرف تبعا لذلك. وعليه، فان التساؤل عن مدى صحة، أو جدوى هكذا خطوة لا بد منه خصوصا في ظل المعطيات الراهنة.

إن "استحقاق ايلول"، بافتراض تحققه في ظل جبهة داخلية مهلهلة وقبل ترتيب وضع م ت ف، سيزيد من حالة الانقسام؛ ليس بين الضفة وغزة، وليس بالمعنى الجغرافي فحسب؛ بل قد يصل إلى درجة شرذمة الهوية الوطنية الجامعة لكل الفلسطينيين على اختلاف مواقعهم؛ بما يمس بوضع م ت ف وشرعيتها المستمدة أساسا من القاعدة الشعبية التي تشمل كل الشعب الفلسطيني بما في ذلك اللاجئين والمهجرين في أصقاع العالم أو في فلسطين التاريخية.

إن مشروع "دولة فلسطين" سيؤدي إلى المساس بالوضع القانوني والتمثيلي لـ م ت ف، الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، والتي تحظى بوضع مراقب في الجمعية العامة في الأمم المتحدة. فإذا كانت الخطوة ستنتهي عمليا بإسناد تمثيل الشعب الفلسطيني إلى "دولة فلسطين" المنوي الاعتراف بها أو إعلانها على حدود العام 1967، فان ذلك يعني في المقابل إلغاء وضع م ت ف في الجمعية العامة، إذ لا يجوز أن يمثل ذات الشعب لدى الأمم المتحدة أكثر من طرف. فحتى بافتراض التمسك باسم م ت ف لفظيا، أو بقاء ذات الأشخاص -مسؤولي بعثات فلسطين هم أنفسهم يشغلون ذات المقاعد، فان ذلك سواء شئنا أو أبينا، لن يقلل من خطر المساس بشمولية مفهوم وحدة ووحدانية التمثيل الذي تتمتع به م ت ف.

إن مشروع التوجه إلى الأمم المتحدة لن يقود في أحسن حالاته إلى تغيير الواقع المعطى على الأرض؛ فباستثناء إمكانية الانضمام لبعض الهيئات الدولية والتي هي إمكانية في علم الغيب والظروف المستقبلية، لا يكاد يضيف المشروع شيئا إلى الأسانيد القانونية للحقوق الفلسطينية. فقانونيا، وبحكم العرف الدولي والقانون الدولي الإنساني وجملة من القرارات الدولية ذات الصلة؛ ستظل التغييرات المحدثة على الأرض المحتلة من قبل إسرائيل غير شرعية سواء اكتسبت فلسطين صفة دولة أم لم تكتسبها، وسواء دارت عجلة المفاوضات أو لم تدر.

وعليه، فان ما يمكن أن نسميه انجازا دبلوماسيا على المستوى الدولي، وحتى في ظل المعارضة الإسرائيلية والأمريكية له، لا يعدل ذرة رمل في ميزان القيمة القانونية والسياسية والتمثيلية- الشعبية لمنظمة التحرير الفلسطينية؛ وذلك لأنه ليس بالضرورة أن "تجري الرياح بما تشتهي السفن"، وباعتبار ما قد يترتب على المشروع من آثار سلبية جسيمة أبرزها:

أولا: المساس بشمولية ووحدة ووحدانية التمثيل القانوني- السياسي والشعبي الذي تتمتع به م ت ف حاليا باعتبارها حركة تحرر تمثل كل أبناء الشعب الفلسطيني بصرف النظر عن أماكن تواجدهم.

ثانيا: المساس بمفهوم الهوية الوطنية الفلسطينية الجامعة الذي تجسده م ت ف، وذلك لوجود احتمالية مستقبلية (سياسية وقانونية وعملية) تؤدي إلى ربط هوية الفلسطيني بالمواطنة الفعلية ضمن الحدود الجغرافية المعترف بها للدولة.

ثالثا: المساس بحق اللاجئين في العودة إلى الديار الأصلية من خلال قصر العودة إلى حدود الدولة المعترف بها، خصوصاً وأن تحديد العودة ضمن نطاق "الدولة" مشروع غربي إسرائيلي رافق كل جولات المفاوضات، ويتناقض جوهريا مع القرار الدولي (194).

رابعا: المساس بشمولية حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني المعترف به لكل الشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده؛ فناهيك عن استحالة وضعه موضع التنفيذ إلا بالترافق مع، أو بتمكين اللاجئين من العودة إلى ديارهم الأصلية مسبقا؛ فان هذا الحق يجب أن يبقى كمفهوم وفي الممارسة خلال مرحلة التحرر الوطني غير مقيد بجغرافيا الدولة المعترف بها أو بالمواطنة/الإقامة فيها.