ليس بالأمن وحده تنجز المفاوضات

بقلم: رون برايمن

إن التقارير المقطعة من غرف التفاوض السياسي مقلقة فالحديث مع استمرار الربط الخاطيء بين السلام والدولة الفلسطينية (وهما الشيء وعكسه) عن حصر العناية في ‘ترتيبات امنية’ بدل الشيء الأساسي وهو حق اسرائيل في ارضها. وحينما تكون نقطة الانطلاق في التفاوض هي أن اسرائيل محتلة في ارضها يصعب الأمل بشق طريق للمسار، ولا يبدو الاتفاق نجاحا.
يمكن أن تُحل قضية الأمن في ظاهر الامر بوسائل تقنية كآلات تصوير ومحطات إنذار ومراقبين دوليين وضمانات امريكية. أو هي بعبارة اخرى أدوية غير ناجعة ثبت من قبل أنها ليست سوى تغطية على عملية خداع تتخلى اسرائيل في اطارها عن أملاك مقابل مزايدة.

ويُظهر الامريكيون برئاسة وزير الخارجية كيري مرة بعد اخرى تفاؤلا لا أساس له يقوم على جهل بالواقع في الشرق الاوسط، ويبادرون الى اقتراح ‘ترتيبات امنية’، ليُغروا بها الطرف الاسرائيلي الذي يبدو أنه غير ممثل ألبتة في غرف التفاوض: لأن عريقات ولفني واينديك يسعون جميعا الى الاتجاه نفسه والى الشرك نفسه وعينا الأول فقط مفتوحتان وهدفه واضح. إن خطبة وزير الخارجية ليبرمان في منتدى سبان تشهد بأنه يوجد في اسرائيل ايضا من يدرك أن السلام لن ينشأ عن مسيرة فروضها الأساسية كاذبة.

لا يجوز أن يكون الاشتغال بـ ‘ترتيبات امنية’ خطة لدفع السلام الى الأمام. ولا أحد كرئيس الوزراء نتنياهو يعلم أن السلام لا يمكن أن ينشأ عن مسيرة سياسية هدفها أفق سياسي للعدو لا لليهود. وعلى ذلك لا يجوز أن تكرر مرة بعد اخرى أكذوبة ‘حل’ الدولتين. ولا يجوز ايضا الافتخار بأن اسرائيل تتجه الى المباحثات دون شروط مسبقة. إن العدو يعمل في ذكاء ويشترط شروطا متشددة تصبح إملاءات بمساعدة امريكية، لكنه يُعد مرنا في حين تُعرض مرونة نتنياهو المبالغ فيها على أنها عناد. يجب على اسرائيل أن تتعلم من أعدائها وأن تشترط شروطا مسبقة.

ثم شرط ضروري يجب أن يشترطه الآن أنصار الدولة الفلسطينية خاصة وهو ألا تستطيع هذه الدولة، اذا نشأت لا سمح الله، استيعاب لاجئين عرب. والذي يُعلل الحاجة الى دولة كهذه بتقديرات سكانية يجب عليه هو نفسه أن يعارض عودة اللاجئين الى مكان ما غربي الاردن وجانب ما من ‘الخط الاخضر’، لأن هذه العودة هي التي ستفضي الى أكثرية عربية في البلاد. والاستنتاج هو أن من يثير التعليلات السكانية كاذب ببساطة لأنه لا يمكن التحذير من أكثرية عربية غربي الاردن والعمل على انشائها ايضا.

وثم شرط ضروري آخر يجب أن يشترطه من يهتفون بحقوق الانسان خصوصا، وهو أنه لا يجوز سلب الناس بيوتهم ومنهم اليهود.
فـ ‘السلام’ القائم على أنه لا يجوز لليهود أن يسكنوا منطقة ما في العالم فضلا عن أن تكون قلب ارض اسرائيل ليس يهوديا ولا ديمقراطيا ولا اخلاقيا ولا صهيونيا وليس سلاما.
إن من أراد السلام حقا بخلاف السلام بمعناه الحالي الكاذب يجب أن يتذكر لا حقوق الانسان لليهود فقط بل جذورهم التاريخية ايضا في ارض اسرائيل، ومن تجاهل ذلك سحب البساط من تحت أقدامهم لا في يهودا والسامرة فحسب بل في ‘وسط البلاد’ والسهل الساحلي ايضا لأنه اذا لم يكن لليهود حق في السكن في الخليل فكيف يكون لهم نصيب وحق في تل ابيب وبناتها. ولذلك فليست قضية الأمن هي التي يجب أن تكون في رأس جدول العمل.

حرره: 
م.م