رؤية قاصرة

بقلم: يوسي بيلين

يمكن أن نفهم شيئا ما من كلام الرئيس اوباما المثير للاهتمام في منتدى سبان، عن تفاؤل وزير الخارجية الامريكي كيري. من الواضح الآن أن ليس الحديث عن محاولة جعل الطرفين يوقعان على اتفاق دائم بعد اربعة اشهر بمختلف تفاصيله وملحقاته، بل عن شيء أكثر تواضعا يمكن احرازه كما يؤمن اوباما وكيري برغم المدة القصيرة الباقية.

يتحدث اوباما عن اطار يملؤه الطرفان بكل ما يتفقان عليه حتى ذلك الحين دون انتظار الاتفاق على جميع التفاصيل الاخرى، وبذلك يُعرض في الربيع بعد الاشهر التسعة جزء فقط من مركبات البازل. فالحديث عن مخلوق سياسي جديد وقد يكون هذا هو الاسهام الدبلوماسي لادارة اوباما في علوم السياسة.

لا يوجد في ظاهر الامر أي مانع في محاولة توليد شيء جزئي كهذا ليس اتفاق اطار بالضبط ولا اتفاقا مرحليا ولا اتفاقا دائما بيقين؛ ويُطرح في واقع الامر سؤال هل يوافق الطرفان على نشر التفاهمات بينهما على رؤوس الأشهاد، حتى لو اعتقدا أنه لا توازن بينها. اذا اتُفق مثلا على الترتيبات الامنية مع عدم الاتفاق على موضوع علاج اللاجئين، فقد يزعم الفلسطينيون أنه لا يمكن أن يُنشر ما يريح اسرائيل فقط. وبالعكس، ومع ذلك فمن الممكن في الوضع الحالي الذي تبتعد فيه حكومة اسرائيل جدا عن الاجماع العالمي فيما يتعلق بصورة الاتفاق الدائم ولا يستطيع الفلسطينيون أن يأتوا بغزة الى الطاولة وبحماس للتسليم بالاتفاق الذي سيُحرز، أن تكون الادارة قد وجدت أن طريقة البازل أسهل طريقة للسير في حقل ألغام المسيرة السياسية.

يقود الزعيمان في المنطقة مسيرة لا يؤمن كثيرون بامكان نجاحها، ويوجد غير قليلين مستعدون لبذل جهود لتعويقها. يوجد في الجانب الفلسطيني من يعتقدون أن مفاوضة حكومة يمين اسرائيلية يُضعف القدرة الفلسطينية على الصمود ويشل نشاط القيادة الدولي، ولهذا ينبغي وقفها. فالضغط يجعل المفاوضين يستقيلون في كل اثنين وخميس، ولا يقبل الرئيس محمود عباس استقالتهم ويستمر في التفاوض برغم كل شيء.

ويواجه نتنياهو صقور حزبه ويواجه البيت اليهودي، ويجب أن يصغي ايضا الى كلام وزير خارجيته الجديد القديم، ليبرمان الذي هو مستعد لأن يُبين لكل من هو مستعد للاستماع له أنه لن يحدث شيء وأنه لا يمكن التوصل الى اتفاق (وينسى أن يُبين أن هذه الصعوبة موجودة لاسباب منها أن مواقف كمواقفه لن تُمكن من اتفاق كهذا). والعالم لا يتأثر تأثرا زائدا على الحد بتقديرات ليبرمان لأن من الواضح للجميع أن لقبه أكبر من مضمونه، وبرغم ذلك فانه وزير الخارجية الرسمي. ويضيف كلامه الى الشعور بأن اسرائيل هي غير المستعدة لحل الصراع، وأنها لا تفهم ما يفهمه اوباما وهو أن اسرائيل ستفقد قريبا، من غير الحل، هويتها اليهودية والديمقراطية. وكان السؤال وما زال عن جرأة الزعماء في لحظة الحسم. وفي هذه الساعة يبدو أنهم لا يعلمون هل يجدونها في أنفسهم.

حرره: 
م.م