تـصفـيـة الـرجـل الأخـيـر فـي "جـيـش الـظـلال"

بقلم: رونين بيرغمان

في بداية كانون الاول 2011، قبل سنتين بالضبط، نشر في "يديعوت احرونوت" تحقيق صحافي عن "جيش الظلال" – منظومة تنسيق بين نشطاء تنفيذيين كبار من سورية، من ايران، من "حزب الله"، من "الجهاد الاسلامي" الفلسطيني ومن "حماس". وجاء في التقرير أن "ممثل "حزب الله" في هذا المنتدى هو "إرهابي" يدعى حسان اللقيس، رئيس قسم الوسائل القتالية في المنظمة. الباقون جميعاً لاقوا حتفهم في ظروف غير طبيعية. "حسان اللقيس"، كما روى التقرير، "لا يزال على قيد الحياة". أول من أمس انتهى حظ قيس، عندما صُفي بعيارات نارية في موقف سيارات بيته في بيروت.

بعد وقت قصير من المقابلة مع الأمين العام لـ"حزب الله"، حسن نصر الله، مع القناة اللبنانية المسيحية وتبجحه بأن خسائر "حزب الله" في سورية أقل من المتوقع، تلقى خسارة شديدة داخل قلعته في الضاحية الجنوبية من بيروت – معقل "حزب الله" الذي تحول في الاشهر الأخيرة ليكون بؤرة للعمليات والتصفيات.

وكان اللقيس، القائد الكبير في "حزب الله"، وصل، الثلاثاء الماضي، عند منتصف الليل الى بيته. أوقف سيارته في موقف سيارات المبنى، وعندها انقض نحوه مغتالون وأطلقوا عليه من مسافة قصيرة خمسة عيارات نارية من مسدسات كاتمة للصوت. وقد أُصيب في رقبته وفي رأسه وتوفي متأثرا بجراحه في المستشفى، بعد وقت قصير من ذلك.

اللقيس نشيط في "حزب الله" منذ أن كان ابن 19، وتجند للمنظمة بعد وقت قصير من اقامتها. أساس تأهيله يأتي من تجربته الجمة التي جمعها في تطوير وانتاج الوسائل القتالية. ويكاد يكون منذ بداية طريقه رجل المشتريات الكبير والمنسق مع ايران في مواضيع الوسائل القتالية. وبفضله أصبح "حزب الله" منظمة "الارهاب" الأقوى في التاريخ، منظمة "لديها قدرات نارية ليست لـ 90 بالمئة من دول العالم"، مثلما وصف ذلك رئيس "الموساد" السابق، مائير دغان.

كان اللقيس مطلوباً ايضا في كندا وفي الولايات المتحدة بسبب نشاط شبكة خلايا "حزب الله" في هاتين الدولتين في بداية التسعينيات. فقد بعث اللقيس الى هناك "بعناصر ذات ميول جنائية، ولهذا أسرّهم أن يبعثوا بهم الى شمالي اميركا كي لا يعملوا في مثل هذا النشاط على مقربة من رجال المنظمة"، مثلما ورد في وثيقة شعبة الاستخبارات العسكرية "أمان" في العام 1999. اولئك "المجرمون" اللبنانيون استقروا في ونكوبر، في شمال كارولاينا وفي ميشيغين،وعملوا في مجال تزوير التأشيرات بالجملة، وكذا رخص القيادة وبطاقات الائتمان وجمعوا مالا جما. وسمح اللقيس لهم بأن يأخذوا من هذا المال عمولة سمينة، طالما استُخدم في معظمه لشراء وسائل متطورة وجد "حزب الله" صعوبة في الحصول عليها: منظومات التقاط، جي.بي.إس، منظومات رؤية ليلية، وسترات واقية من أنواع مختلفة.

في أعقاب معلومات نقلتها الاستخبارات الاسرائيلية أجرى الـ "اف.بي.آي" والاستخبارات الكندية سلسلة عمليات ضد هذه الشبكات، وفر اعضاؤها أو اعتقلوا وحوكموا بالسجن لسنوات طويلة على سلسلة من الجرائم منها التخطيط للعمليات ضد أهداف يهودية.

في المكالمات الهاتفية الأخيرة التي التقطها مكتب الـ "اف.بي.آي" قبل اجراء الاعتقالات سُمع اللقيس يُزايد على اعضاء الخلايا في أنهم لا يفعلون ما يكفي لصالح المنظمة، ويوبخهم لأنهم بينما رفاقهم يعانون من وقع يد إسرائيل في الشرق الاوسط فانهم يتمتعون بالحياة الطيبة في أميركا.

ومع انسحاب الجيش الاسرائيلي من لبنان في أيار 2000 بدأت عملية التعاظم العسكري لـ"حزب الله". فقد عمل اللقيس بمحاذاة وتحت قيادة رئيس اركان "حزب الله"، عماد مغنية. وبنى الرجلان في جنوب لبنان منظومة مركبة من التحصينات التي كانت لها أهداف مزدوجة: البقاء لزمن طويل قدر الامكان في مواجهة القوات الاسرائيلية البرية التي كان من الواضح أنها ستأتي ذات يوم، الى جانب الحفاظ على القدرة على اطلاق أكبر عدد ممكن من الصواريخ والمقذوفات الصاروخية على البلدات الاسرائيلية.

وقد نجحت الصيغة. فبفضل المنظومة التي كان اللقيس جزءاً مهماً في بنائها، لم تنجح اسرائيل في الانتصار على "حزب الله" في حرب لبنان الثانية في صيف 2006.
في اثناء حرب لبنان الثانية حاولت اسرائيل قتل اللقيس: طائرة اف16 أطلقت صاروخا نحو شقة في بيروت كان يفترض أن يكون اللقيس فيها، ولكنه لم يكن في البيت، وقُتل ابنه.
الحرب في صيف 2006 كانت نقطة ذروة في عمل وتنسيق المسؤولين الكبار ضد اسرائيل – ومنذئذ انقلب الدولاب. مغنية كان أول من قُتل في انفجار سيارته في شباط 2008. وبعده صُفي مسؤولون كبار آخرون مثل محمود المبحوح في دبي. وصباح أول من أمس جاء دور اللقيس، حين قتله ملثمون في موقف سيارات بيته.

"حزب الله" بالطبع اتهم اسرائيل على الفور، التي لا شك أن لديها اسبابا وجيهة للمس باللقيس. ومع ذلك، فان شكل التنفيذ ليس مناسباً لعملية بأيد اسرائيلية. كل التصفيات الاخيرة التي نُسبت لإسرائيل نُفذت بأساليب مختلفة تماما. اطلاق النار في اشتباك في منتصف الشارع في حي بيروتي يتضمن مخاطرات لا بأس بها على المنفذين. من الصعب الافتراض بأن أحدا ما في اسرائيل، لو كانت تقف خلف الاغتيال، كان سيُقر لمقاتلين اسرائيليين يهود أن يأخذوا مثل هذه المخاطرة.

وأفاد مصدر في "حزب الله" لوكالة أنباء "إي.اف.بي" بأن اللقيس كان "صديقا شخصيا وأحد المقربين جدا من الامين العام حسن نصر الله". وحسب ذاك المصدر، فان قسما من عمل اللقيس كان تنظيم الحماية حول نصر الله. وأضافت صحيفة "ديلي ستار" اللبنانية أنه حسب مصادرها فأن اللقيس كان شخصية أساسية في تسلح "حزب الله" بطائرات بلا طيار، بل إنه كان مسؤولا عن تهريب وسائل قتالية الى قطاع غزة.

حرره: 
م.م