فتى فلسطيني يقاوم إعاقته بأصابع رجليه

الناصرة: محمد خالد حسن فتى فلسطيني في الخامسة عشرة من عمره ولد من دون يدين، لكن الإعاقة لم تمنعه من الإقبال على الحياة وبهجتها فاتخذ من أصابع قدميه بديلا ليستخدمها في تناول الطعام والشراب، والكتابة وحتى العزف على العود، وتشغيل الحاسوب والإبحار في الشبكة العنكبوتية لعدة ساعات يوميا.

واوردت الجزيرة في تقرير لها، ان كف قدمه اليسرى تمتاز بوجود فتحة بين إصبعيه، مما يكسبه قدرة لافتة على جعل القدم يدا للقيام بمعظم الحركات الوظيفية في حياته اليومية، وبفضلها يمسك الطعام وكاسات المشروب.

وخلال اللقاء بمنزله في مدينة الناصرة وبعد أن قدمت والدته المشروب، تناول كأسه برقة ورشاقة لافتتين، مستخدما أصابع قدميه.

اكتشف محمد عالم العزف على العود حينما كان طالبا في الصف التاسع في مدرسة الجبل بفضل معلم الموسيقى جورج قندلفت الذي عرفه على العود، ومن وقتها واصل تدربه على عزف العود وما لبث أن صار يشارك في الاحتفالات عازفا في الفرقة الموسيقية التابعة لمعلمه.

وخلال العزف يمسك محمد بريشة العود ببن أصبعي قدمه اليسرى، بينما تقوم اليد اليمنى بالضغط على الأوتار كما يقتضي الأمر، ويعزف النمطين الشرقي والغربي بعدما يقوم معلم الموسيقى بمساعدته على تهيئة الآلة الموسيقية، لكنه مولع بعزف الألحان الكلاسيكية، وأقرب الفنانين لقلبه فيروز ومارسيل خليفة، يقول محمد إنه خلال العزف يغمره شعور جميل بالفرح والقوة والثقة.

يتقن محمد الكتابة مستخدما أصابع القدم اليسرى، ويتحكم بها كأنها أصابع يده، ويبدو راضيا بقدره وتخلو لهجته من الشكوى والتذمر، فقد اعتاد ممارسة حياته من دون اليدين.

إعاقة محمد لم تمنعه من إتقان العزف على العود

وتبدي أم محمد أيضا، رضاها بقدر ابنها الوحيد، وتستذكر أن الطاقم الطبي حاول ممارسة الضغوط عليها لإجهاض جنينها في الشهر السادس من حملها به، لكنها رفضت بشدة رغم أن الممرضة ألحت بالسؤال كيف ستعيشين مع ابن معاق؟

تقول الأم "رفضت ذلك لأنني مؤمنة ومقتنعة بأن الإجهاض حرام شرعا حتى لو كان عمره أياما، ووافقني أحد الأطباء ودعاني للتمسك بالجنين إن كنت مقتنعة ومرتاحة لقراري".

وتتابع "إيماني بما فعلت خالص، وضميري مرتاح، وثقتي بالله تمنحني القوة على تحمل كل شيء من أجل ولدي"، منوهة بأنها حرصت على زرع وتنمية الثقة بالنفس في داخله مبكرا.

وتقول إن الفرح يملأها حينما ترى محمد يعزف ويشارك في حفلات "وفي سري أشعر بأن هناك شيئا حقيقيا يخفف عنه كربه".

وحول حياته اليومية، يقول محمد إن الناس من حوله -سواء في المدرسة والحي- لا يضايقونه، مستذكرا النظرات الغريبة التي سرعان ما تختفي.

ومع تقدمه في السن، يساير محمد نمو جسده ويضطر لاستبدال يديه الاصطناعيتين مرة كل سنة.

الفتى الفلسطيني -الذي يقرض الشعر أيضا ويكتب القصائد الوطنية- مهتم بالسياسة ومتابعة البرامج الإخبارية، وهو أيضا ناشط في صفحات التواصل الاجتماعي في الفيسبوك، كما أنه مغرم بسماع أغاني الراب. وتحدث للجزيرة نت "لم أكن أفهم هذا النوع من الغناء السريع في البداية، لكن ما لبثت أن اكتشفت معانيه".

داخل أسوار قاعة التحصيل الدراسي، قال محمد للجزيرة نت إنه يكره تعلم اللغة العبرية ويعتبر فرضها عليه نوعا من الاضطهاد، وهو حريص رغم ذلك على أداء واجباته المدرسية في البيت كبقية زملائه الطلاب، لكنه يعاني انحناء واعوجاجا في الظهر وقصر ساقه اليسرى لكثرة انحنائه خلال الكتابة والعزف وبقية المهام الحياتية اليومية، ورغم ذلك يبدو واثقا من نفسه دائم الابتسامة مقبلا على الحياة.

حرره: 
ع.ن