السحر الايراني يتحدى اوباما والعاملين معه

بقلم: سمدار بيري

أُتيح لي في المدة الاخيرة أن أشارك في سلسلة مباحثات مغلقة في ‘التحول’ الايراني. كان بعضها بمشاركة أفضل العقول عندنا، وبعضها مع خبراء ذوي تقدير من العالم العربي، وبعضها بمشاركة أفرقة مشتركة. ويبرز القاسم المشترك فورا، وهو أن الجميع يقلقهم هجوم سحر رئيس ايران الجديد حسن روحاني. ولا يؤمن أحد بأن ايران ستوافق على التخلي عن الخيار الذري.

جاءت طهران الى التفاوض في جنيف بريئة من النوايا البريئة. ويصعب ألا نلاحظ الصلة الوثيقة بين العقوبات الاقتصادية على ايران والمهمة التي ألقاها الحاكم خامنئي على روحاني ومجموعته وهي أن يُخلص في أسرع وقت ممكن ‘خطوات تبني الثقة’ من الجانب الامريكي، تفضي الى حل الرباط الخانق الاقتصادي بسرعة. وما هو مقابل ذلك؟ تنازلات صغيرة على طريقة باعة البازار. فهنا سيقترحون تعميقا للرقابة على المنشآت الذرية، وهناك سيهتمون بملاشاة الخطط واخفاء مختبرات التخصيب.

وقد اهتم روحاني نفسه باظهار أوراق اللعب، حينما بيّن أنه لا توجد نية لجعل علماء الذرة عاطلين عن العمل، وأن التطوير الذري هو حق الجمهورية الاسلامية الذي لا يتزعزع. فاذا كانت هذه هي الحال فماذا بقي لاجراء التفاوض؟ في المدة التي يستطيعون فيها الانطلاق نحو القنبلة الذرية. تشير اسرائيل الى سنة تقريبا، أما الادارة في واشنطن فسخية بين ثلاث سنوات الى خمس سنوات. فاذا ضغطوا على الوفد الايراني في جنيف فسيستخرجون منه رزمة ‘تنازلات’ لكن طهران لن تنكمش.

إن الخبراء من الجانب العربي ممتعضون، مثل القلقين عندنا بالضبط. فأنا منذ وقت لم الحظ خيبة أمل وعجزا كهذين في السعودية ومصر والاردن وامارات الخليج. وليس الامر أمر خيانة الرئيس اوباما لحلفائه القدماء فقط، بل إنه ليس عندهم من يعتمدون عليه حينما يتحمس ‘الأخ الكبير’ في واشنطن على حسابهم.

لم يعد العالم العربي فجأة منقسما الى معسكر معتدل ومعسكر متطرف. إن التحولات الحادة مدت خطا فاصلا بين ميدانين: الميدان السني الذي يبدو مثل امرأة ذاوية مغضنة البشرة، والميدان الايراني الشيعي وتوابعه الذي أصبح مراودا ومتحديا دفعة واحدة. واذا صرفوا عنه النظر لحظة فسيصيبنا رد خطير جدا.

في معهد الدراسات الاستراتيجية بالقرب من جامعة تل ابيب أفردوا هذا الاسبوع يوما دراسيا للشأن الايراني، وكان ذلك تباحثا عميقا موضوعيا خُصص لتحليل عميق لصورة الوضع والنوايا وما بقي ليُفعل. ويؤيد عدد من المتحدثين تفاوضا ‘لا خيار فيه’ مع الايرانيين، ويُصر عدد على أن الايرانيين جاءوا ليكسبوا وقتا وليذروا الرماد في العيون. فضغط العقوبات أخطر على النظام مما يبدو. واذا لم يصد حرس الثورة ملايين الشباب الذين ليس لهم ما يخسرونه، فان خامنئي وحرس الثورة تنتظرهم زعزعة.

إن الرحلة الى المجهول في الشأن الايراني في حين قد يتفجر التفاوض ايضا تفضي الى استنتاج وتوصية. لقد زال فعل صيغة ‘القنبلة أو القصف’؛ وواشنطن لا تحلم ولا تنوي أن تهاجم ايران، أما تل ابيب فتُحذر من أنها ‘ستتخذ خطواتها’، لكننا لن نستطيع أن نهاجم ايران من وراء ظهر الادارة الامريكية. فماذا بقي لنفعله؟ التعاون مع المعسكر السني الذي فُتح لنا من وراء الستار، والضغط بلا كلل كي لا يربطوا عجلة التفاوض في جنيف أمام الخيول الايرانية. اذا كانت العقوبات والعزلة الدولية قد أثبتت جدواها فيجب الاهتمام بأن يستمر السيد من البيت الابيض في الامساك بالسوط، وأن يبرهن على أنه لا يهرب عن حلفائه.

وليس ذلك سهلا. ف ويجب أن نُذكرهم بما يُفعل بمن يجيئك بحيل.

حرره: 
م . ع