العالم العربي يريد حاكما قويا ونزيها

بقلم: أمنون شاموش

تعلن مصر زعيمة العالم العربي، أن الديمقراطية الغربية الكلاسيكية لا تناسبها كما هي. أما انتخابات مجلس الشعب فنعم، لكن بشرط ألا يوجد مجلس شعب كذاك الذي في بريطانيا، يتجرأ على الاعتراض على قرار رئيس الوزراء. ونعم لانتخابات حرة للرئيس، بشرط ألا تأتي رئاسة غريبة تناضل وتكافح للتعبير عن وجودها كل اربع سنوات، لتحل محله وأن يُرسل الرئيس بعد ثماني سنوات ليلعب الغولف.

حينما يقرر مجلس النواب في الاردن قرارات جريئة يحله الملك ببساطة. وحينما يتجاوز المجلس في المغرب حدوده، يحله الملك ويُنتخب برلمان جديد يعرف كيف يتصرف.

لكن المشكلة الرئيسة التي تتكرر في كل البلدان العربية، وذروتها في مصر، هي أن الانتخابات الحرة حقا تُمكّن جموع الشعب المملوءة كراهية للغرب من أن تختار دائما الاحزاب الاسلامية المتطرفة التي تريد أن تستبدل أحكام الشريعة بالثقافة الغربية.

إن جموع الشعب تعرف شيئا واحدا فقط في السياسة، وهو أنها مسلمة وأنها ضد الغرب الذي يسيطر على بلادها بالقوة أو بالمال أو بالديمقراطية.

في كل بلد عربي، من الجزائر الى اليمن، حينما أُجريت انتخابات حرة، بقيت الطبقة المثقفة العلمانية الحديثة والليبرالية، أقلية، واختارت الجموع الاسلام. وكان أبرز مثال على ذلك تولي مرسي الحكم في مصر بتأييد من أكثر من نصف الشعب، وكانت الانتخابات حرة، وبحسب قواعد الغرب كلها. وكان حكم مرسي قانونيا بحسب قواعد الغرب، لا بحسب قواعد البلدان العربية. فقام الجيش بانقلاب وأدخل الرئيس وقادة حزبه في السجون. ولم يكن هذا بحسب قواعد الغرب لكن بحسب قواعد البلدان العربية.

وبدأ الغرب يدرك أن الاستقرار عند العرب أهم من الديمقراطية، فهم يستطيعون الاكتفاء بـ’مثل ديمقراطية’ والامتناع عن سفك دماء، كما في سورية والجزائر والعراق، العراق الذي حاول الامريكيون أن يفرضوا عليه الديمقراطية بالقوة العسكرية وبكلفة ترليون دولار بلا نجاح؛ وكان ذلك برهانا ساطعا على أنه لا يمكن فرض الديمقراطية على شعب.

يريد العالم العربي حاكما قويا نزيها، ويجدون حاكما قويا ونزيها لكنه اذا كان قويا بقدر كاف وجمع حوله الأقوياء والاغنياء فقد بالتدريج النزاهة والاستقامة وجُر وراء الغنى. وحينها يثورون عليه لكن لا عن رغبة في الديمقراطية، بل عن رغبة في ألا يتولى ابنه الفاسد الحكم بعده، وليأت الى الحكم مرة اخرى مستبد نزيه وقوي لم يُفسد المنصب أخلاقه بعد.

يقول العالم العربي للعالم الغربي: نحن معكم، وكنا نتعاون معكم منذ حقب طويلة، فتفضلوا اذا وانظروا الى ‘مثل ديمقراطيتنا’ على أنها نوع من أنواع الديمقراطية التي تُجلونها كثيرا. لأنه يوجد عندكم ايضا أنواع مختلفة من الديمقراطية وطرق الانتخاب. فصورة الانتخابات في امريكا لا تشبه صورتها في بريطانيا وفي اسرائيل. وتستطيع ميركل في المانيا أن تنال ولاية ثالثة، لكن اوباما في الولايات المتحدة لا يستطيع. فدعونا اذا نجد صيغة ديمقراطيتنا، إن عندنا احزابا وبرلمانات ودساتير ومحاكم لكن عندنا مشكلات لا تفهمونها وسنحلها بطريقتنا.

أنا أعلم أنني أتحدث بلغة عامة، فالعالم العربي مقسوم الى دول، والأمة العربية منقسمة الى شعوب يختلف بعضها عن بعض جدا. لكن يُخيل إلي أن النظرة الى الغرب عامة والى الديمقراطية الغربية خاصة متشابهة جدا فيها جميعا وهي: الحسد من قبل النخب والكراهية من قبل الجموع.

حرره: 
م . ع