خطاب هنية يكشف أزمة "حماس"

بقلم: د. رؤوبين باركو

إن من أراد أن يفهم وضع "حماس" البائس في غزة كان يجب أن يستمع لخطاب اسماعيل هنية، تلميذ أحمد ياسين، أول من أمس (السبت). كان خطاب هزيمة توجه الى الرعايا في غزة، وحاول أن يرفع روحهم المعنوية، وكان الخطاب أشبه بالحكاية عن تلك المدينة المحاصرة التي أرسلت امرأة غسالة لصب الماء من فوق السور وكأن المدينة موفورة الماء...
كان ذلك خطاب أزمة ولو بسبب الوقت الذي اختاره هنية الذي كان قريبا من الوقت الذي كشفت فيه اسرائيل عن حفر النفق الذي أحبطته، وزيادة قوة الخطوات المصرية في مواجهة الحركة. وجعل هنية القدس والمسجد الاقصى وطلب "العودة" الى فلسطين 1948 في الخطاب كله زنادا لانفجار اسلامي عالمي وطلبا للوحدة. وقال انه حينما يفهم المسلمون كارثة تهويد القدس والاقصى "لبناء الهيكل بقرار من الكنيست الاسرائيلية"، ستستيقظ الأمة الإسلامية. وقال انه حتى لو خُيل لليهود ان خطواتهم تخلد حلمهم فسيفشلون: "ان ما سنفعله باليهود أكثر مما يستطيعون احتماله".
وأكد هنية التزام "حماس" بالكفاح المسلح، ودعا الى وحدة الصف الفلسطيني والعربي والاسلامي في المعركة المسلحة الحقيقية في مواجهة اسرائيل لإعادة فلسطين الى اصحابها. ووعد بأن لحظة المواجهة أخذت تقترب وبأن "حماس ستفاجئ الجميع وتُحدث تحولا يفاجئ العدو أيضا". وأثنى بروح حماسية على العمليات التي نفذت في المدة الاخيرة في الضفة، ودعا الناس في الضفة الى توجيه البنادق معاً لإصابة العدو.
وحرض هنية بقوله ان أبو مازن ورجاله يجرون تفاوضا مع اسرائيل يخالف الاجماع الفلسطيني. ووافق على أنه كان من الصحيح التأليف بين العمل السياسي والعمل العسكري، لكن بعد عشرين سنة على فشل "أوسلو" أصبح واضحا أن هذه المعركة تعمل ضد الشعب الفلسطيني وتساعد في تحسين صورة اسرائيل، ولهذا يجب وقف العملية باسم الشهداء. وقال ان اميركا ليست موضوعية وهي ضد الفلسطينيين في عملها، فقد أحبطت محاولات المصالحة الوطنية الفلسطينية. ودعا الى الوحدة في اطار منظمة التحرير الفلسطينية والى تشكيل سياسي امني في الضفة وفي القطاع والى وقف التنسيق الامني والسياسي والى انشاء آلية حكومة وحدة مؤقتة واجهزة أمن و"مقاومة" وموعد لانتخابات بحسب الاتفاقات التي أُحرزت حتى الآن.
غذّى هنية الشائعات التي تقول ان "حماس" تعاني حالة انكسار، كما كان متوقعا. وقال إن الحديث يدور عن حملة اعلامية منظمة للعدو. وأنكر أن تكون "حماس" تتدخل في ما يجري في الدول العربية، ولا سيما مصر وسورية، وهدأ النفوس بقوله لا نريد وطنا بديلا في البلدان العربية أو في سيناء أو في لبنان أو في الاردن. وقال مهددا: "كل من يعتقد انه يستطيع ان يغير الوضع في غزة ويبدله، مخطئ. نحن اقوياء في مواجهة "الاحتلال"، والفوضى والفلتان، مشيرا كما يبدو الى نية تحطيم كل معارضة لـ "حماس".
واعترف هنية بأن "حماس" أيدت في اطار "الربيع العربي"، تحرير الشعوب، وأيدت الإسلاميين كي يدعموا الفلسطينيين. وقال فيما يتعلق بمصر كاشفا عن سر: "ساعدنا مصر بمعلومات عن نشاط في سيناء لا أستطيع تفصيلها"، وزعم قائلا: "اذا كان المصريون هدموا الأنفاق فليمنحوا على الأقل معبرا حرا مكشوفا عن طريق رفح". واتهم هنية اسرائيل في النهاية، وهي التي دعا في خطابه الى القضاء عليها، بجرائم حرب، وطلب أن تفتح المعابر فورا. شكرا يا هنية.