بارد.. ساخن

بقلم: ناحاما دويك

يوم الاثنين، بعد دقائق من انتهاء التصويت على اقتراح حجب الثقة الذي قدمته المعارضة، ظهر شخصان يتملصان بلباقة من القاعة. ولكن ليس قبل أن يبرما اتفاق مقاصة. ودخلا إلى سيارة فارهة كانت بانتظارهما وضاعا في الظلمة المقدسية، التي غطت المدينة. وانتهت رحلتهما القصيرة إلى بيت رئيس الحكومة في رحافيا. خرج من السيارة رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو ورئيس لجنة الخارجية والأمن وزير الخارجية المنفي، أفيغدور ليبرمان. وكانت تنتظرهما في البيت زوجتيهما. تناول الأربعة وجبة دسمة وكانت الأجواء دافئة وودودة
هكذا بدأ الرجلان الدورة الشتوية للكنيست، التي قد تحسم مصير الائتلاف وخلالها سيحسم مصير ليبرمان السياسي والشخصي. وأحدهما مرتبط بالثاني، وبحركة التفافية ستؤثر أيضا في نتنياهو. ففي السادس من تشرين الثاني يفترض أن ينشر الحكم في قضية ليبرمان. وإذا برئ، فقد يغدو الرجل الأقوى في السياسة الإسرائيلية. إذ سيرى نفسه مرشحا شرعيا لوراثة نتنياهو وسيقود بقوة الاتحاد بين القائمتين. وإذا تمت ادانته، فقد يزعزع أسس الائتلاف ويشد إلى الأدنى الحلبة السياسية برمتها. وثمة حدث آخر سيؤثر في تعامل ليبرمان وهو نتائج انتخابات رئاسة بلدية القدس. فقد وضع ليبرمان كل ثقله السياسي إلى جانب موشي ليئون وفرض على كتلة الليكود في القدس تأييد مرشحه. رئيس الحكومة ليس فرحا من الخطوة. إذ أيد بسرية رئيس البلدية الحالي، نير بركات. صحيح أن نتنياهو لم يمنع ترشيح ليئون، لكنه بالمقابل لم يعرب عن أي تأييد له، كما فعل الأسبوع الفائت مع مرشحي الليكود في كريات شمونة وسديروت. وإذا فاز بركات فإن انتقام ليبرمان سيكون شديدا، حتى ضد رئيس الحكومة، الذي وقف جانبا، وضد الحريديم الذين يفترض أن تجلب أصواتهم النصر. وينوي زعيم شاس أرييه درعي الوفاء بتحالفه مع ليبرمان وليئون. ويقف نصب عينيه هدف مختلف تماما، وهو دخول الحكومة. والذي يستطيع تحقيق تغيير وجه الحكومة هو ليبرمان فقط، ولذلك لا ينوي خيانته. ويقول درعي: «قبل ثلاثة شهور وعد الجمهور الحريدي ليبرمان بهدية: تأييد ليئون. ينبغي الوفاء بالوعود، وإلا فلماذا يفترض به أن يصغي إلينا عندما نذهب إليه طالبين مساعدتنا لدخول الائتلاف؟» 
ويقول درعي ردا على سؤال حول دخولهم الحكومة إلى جانب يائير لبيد: «إننا نود جدا لو أن تركيبة الحكومة تتغير ونعمل على ذلك. فمع لبيد، لا أرى سبيلا للجلوس معا. وحتى إذا وافقنا، فإنه لن يسمح بحدوث ذلك. المهمة التي تنتظرنا هي أن التحالف الذي يضمن الحكومة، لبيد - بينت، والذي يعاني من تصدعات، سوف يتفكك، وحينها إما أن تتغير التركيبة أو يذهبوا للانتخابات». ولا يضع درعي بيضه في سلة ليبرمان فقط. فهو يقيم صلة وثيقة مع رئيس الحكومة
ويقول درعي لمقربيه ان انطباعه هو أن نتنياهو راض جدا عن حكومته. «ثمة انطباع بأنه مغرم بحكومته. نتنياهو كان متوترا في البداية عندما قالوا انهم يديرونه ويركعونه، عندما أعطت الاستطلاعات يائير لبيد 30 مقعدا، لكنه الآن راض بعدما أدخل لبيد إلى فخ وزارة المالية، وتربت المقاعد منه ولم يعد في الأفق أي مرشح لرئاسة الحكومة عداه، لا داخل الليكود ولا خارجه». 
ويضيف درعي، أن هذا بالضبط ما يحب نتنياهو عمله – منح خصومه عالما بكامله وبعدها تبديدهم. «وهذا ما فعله أيضا مع بينت، الذي يتراكض بين وزارته ويخسر قامته وشعبيته». 
لكن درعي يرى إلى جانب هذه التصدعات، قواسم مشتركة. هناك يقولون انهم تغلبوا على معظم المشاكل بينهم. وهم يتباهون بحقيقة مشاركتهم في صياغة عدد من القوانين المفترض أن تغير وجه الدولة، بما في ذلك عقد الزواج والمواصلات العامة يوم السبت
حماية الائتلاف 
مساء الأربعاء جمع رئيس الحكومة طاقمه الأقرب للبحث في سبل إدارة الدورة الحالية للكنيست. وتنتظر ائتلافه اختبارات لا بأس بها وعدة مشاريع قوانين قد تفكك الائتلاف مع مكونات هوية أشد وضوحا. وهكذا، مثلا، قانون الاستفتاء الشعبي، الذي يتوق إليه أعضاء البيت اليهودي وأقسام من يمين الليكود، وقانون الحكم، وهو بؤبؤ عين قسم كبير من كتل الائتلاف، وقانون المساواة في الأعباء، والذي تتواصل المداولات بشأنه شهورا طويلة
ويسعى أعضاء البيت اليهودي ورجال اليمين داخل الليكود وعلى رأسهم رئيس الائتلاف ياريف لفين لتقديم اقتراح يقضي بضم هذه القوانين الثلاثة في رزمة واحدة وعرضها هذا الأسبوع، لضمان أغلبية. ووفق الاقتراح يوفر اليمين لـ«هناك مستقبل» قانون الحكم والمساواة في الأعباء مقابل تصويتهم لصالح قانون الاستفتاء الشعبي. وهناك أيضا قانون تسوية الأراضي في النقب، وقانون المتسللين وأيضا الموضوع السياسي والتسوية مع الفلسطينيين. وكل موضوع كهذا هو عالم بكامله، يتطلب كل انتباه رئيس الحكومة وسيطرة صلبة على الائتلاف
لكن رئيس الحكومة لم يكلف نفسه قبيل بدء الدورة الهامة هذه الاجتماع بممثلي الائتلاف. ولا حتى مع رئيس الائتلاف. ويقول لفين: «لم يدعوني للقاء كما أن رئيس الحكومة لم يقل لي ما يريد في هذه الدورة». كما أن لفين قلق من سلوك أعضاء الائتلاف الذين يتصرف قسم منهم كما يشاؤون
ويبدي القلق أيضا رئيس الكنيست يولي أدلشتاين، الذي أرسل طاقما لمقابلة رجال نتنياهو لإيجاد سبيل لجعل المداولات أكثر أهمية. وقد أدخل أدلشتاين تغييرات تقضي بأن يصل كل وزير إلى الكنيست في الدورة الحالية للرد على استفسارات أعضاء الكنيست. وسيقدم الأعضاء الأسئلة سلفا، والوزير يختار عشرة منها. ويمكن لكل عضو كنيست أن يباغت الوزير بأسئلة في مجال صلاحياته
وسيكون أول الوزراء أوري أرييل، بعده ياعل جيرمان. في العاشر من كانون أول ستحضر وزيرة العدل تسيبي ليفني، التي من المؤكد أنها ستتعرض لهجمات بالأسئلة عن المفاوضات مع الفلسطينيين. ووزير المالية لبيد ليس ضمن القائمة
منديل أحمر 
ومن يوم الاثنين، فور عودة أعضاء الكنيست من ثلاثة شهور الإجازة، يمكن رؤية الإهانة. الساعة الرابعة، عندما بدأت الخطابات المركزية، كانت القاعة ممتلئة. غير أن التسرب خارجا نحو الكافتيريا بدأ عندما شرع أعضاء المعارضة بتقديم اقتراحات لحجب الثقة. وبلغت الأمور ذروتها عندما صعد نائب الوزير أوفير أكونيس للإجابة عن الاقتراحات. وبقي شبه وحيد في القاعة. وباستثناء عضو كنيست واحد من القائمة العربية لم يتواجد في القاعة أحد من المعارضة. ومثل الائتلاف ثمانية أعضاء كنيست ضجرون. أكونيس أخرج هاتفه الخلوي، صور مقاعد المعارضة وهاجم أعضاء الكنيست. سكرتيرة كتلة حزب العمل سمعت وهي تناشد رئيس الكتلة، اسحق هرتسوغ بأن يركض إلى القاعة «لأن أكونيس يمزقنا». 
لكن رئيس كتلة «هناك مستقبل» عوفر شيلح غير قلق: «في الكنيست الحالي هناك كثير جدا من أعضاء الكنيست الجدد، وانا تحديدا راض جدا عن وجودهم، في القاعة وفي اللجان. وعمليا ليس لليكود أعضاء كنيست، لأنهم جميعا وزراء ونواب وزراء، ولنا أعضاء كنيست فاعلون بعدد الفاعلين من الليكود وإسرائيل بيتنا مجتمعين. فالتواجد في القاعة أو الغياب عنها ليس ما سوف يضعضع الائتلاف». 

إذاً ما الذي سيضعضع الائتلاف؟ 
«
ثمة أمر مركزي سيؤثر في الدورة الحالية هو المفاوضات السياسية. ويفترض بالدورة الشتوية أن تستمر حتى نيسان، وهذا بشكل أو بآخر موعد انتهاء المهلة الممنوحة للمفاوضات. ونتائج المفاوضات، والتي لا نعرف حاليا كيف تسير، يمكنها أن تشكل مصدرا هاما جدا للتغييرات والقرارات. ومن الجائز أن هذا سيقود لتوترات وحتى لأفكار حول البنية الائتلافية. من جهة هناك محاكمة ليبرمان، وبالمقابل هناك الانتخابات التمهيدية في حزب العمل والشعور بأن هرتسوغ سيكون أقل ترددا من شيلي يحيموفيتش في الدخول إلى الائتلاف. وفضلا عن ذلك، وخلال وقت قصير سننهي إعداد قانون المساواة في الأعباء، وبعدها ربما يمكن إدخال قسم من الحريديم للائتلاف. والضغط سيشتد في شاس للدخول». 
ويوجد القانون حاليا في مراحله النهائية. ويحرص ممثلو الحريديم، الذين قاطعوا المداولات في البداية، على حضور مداولات لجنة بيري في محاولة لإدخال تعديلات لصالح جمهورهم. وبين أمور أخرى يرفضون فكرة فرض عقوبات، جنائية واقتصادية، على من لا يتجند. وقد تقرر في الاتفاق الائتلافي فرض عقوبات اقتصادية. وفي القانون هناك عقوبات جنائية إذا لم تتحقق أهداف التجنيد. وتقول رئيسة اللجنة، شاكيد، ان الحريديم يرون في ذلك منديلا أحمر، لأن المغزى هو أن هذا سيحول تلاميذ الحاخامات الحقيقيين إلى متهربين من الخدمة العسكرية.