صحافة مغرورة

بقلم: درور إيدار

كتبت صحيفة ‘نيويورك تايمز′ أن نتنياهو معزول بسبب مواقفه من ايران. وهذا سبب للاحتفال عند مراسلينا المجدين الذين يخافون في كل مرة تقول فيها ‘أهم صحيفة في العالم’ شيئا ما يتعلق بنتنياهو. ما الجديد؟ قد يكون تفصيلات النميمة التي جمعتها المراسلة جودي رودوران في دأب المرأة والانتقاد والسيجار والسرير الطائر. فقد قالت المراسلة إن سارة نتنياهو وُجه اليها انتقاد في تربية أبنائها (!) فهل يذكر أحد شيئا كهذا؟ وانتهزت صحيفة ‘يديعوت احرونوت’ وجود هذا الشيء وألصقت بالاقتباسات المعادية في صحيفة ‘نيويورك تايمز′ صورة سيجار مع ذكر السعر (وهذا عمل صحافي ممتاز في موقع ‘بوتيك السيجار’).
‘أجل، إن دوام رئيس الوزراء على الشأن الايراني يؤذي أذن المراسلة؛ وهو يصدع التناغم المزيف الذي هبط علينا مع تبدل الاشخاص في ايران. إن اصرار نتنياهو على تقديم حقائق تتعلق بنوايا ايران الواضحة يؤذي أذن أهم صحيفة في العالم، وهي التي تلف مملكة آيات الله بالصوف الصخري وتعطي قادتها مظلة تشمبرلينية سيضللون الغرب تحتها: فهم سيجرون محادثات في البرنامج الذري ويستمرون في الوقت نفسه في التقدم نحو السلاح الذري. فهذا ما قاله روحاني قبل بضعة أشهر فقط في التلفاز الايراني: فقد بلغوا بحسب شهادته من 150 آلة طرد مركزي كانت لايران مع توليه منصب رئيس فريق التفاوض في برنامج ايران الذري الى 1700 آلة طرد مركزي في اثناء التفاوض.
‘على خلفية بدء المحادثات بين القوى الكبرى وايران يبدو نتنياهو عند صحيفة ‘نيويورك تايمز′ عالقا في الماضي ازاء الصورة الجغراسياسية التي تغيرت. لكن الحقيقة عكس ذلك: فنتنياهو على عكس اليسار الامريكي مغروس جيدا في الحاضر وهو ‘مراقب لبيت اسرائيل’ وللعالم. إن لصحيفة ‘نيويورك تايمز′ حساب تشهير طويلا مع نتنياهو مثل صحيفة ‘هآرتس′ و’يديعوت’، عندنا تماما (في الاسبوع الماضي اعترف ألون بن دافيد بأنهم أذاعوا عنده في القناة تقارير معادية لنتنياهو لم تكن مسوغة من جهة صحافية). ومع نشوب الشتاء العربي وقف توماس فريدمان في ميدان التحرير وتحدث بلغة شاعرية فرحة، وكانت تُرى اعلام الحرية التي رُفعت هناك. ووجه الاهانات الى نتنياهو وحكومته لتنحيهما، وعُرض نتنياهو آنذاك ايضا على أنه غير مُحدّث. فهل سمعتم من فريدمان ندما على السخافات التي نشرها؟
‘إن تأييد صحيفة ‘نيويورك تايمز′ لكل احتمال مصالحة صغير مع المستبدين القساة، طويل. يوجد خط يربط بين الاصوليين الدوليين والليبراليين الاصوليين فالحديث في الحالين عن مؤمنين لا تبلبلهم الحقائق. في 1938 باركت الصحيفة اتفاق الاستسلام (‘معاهدة السلام’) بين رئيس الوزراء البريطاني تشمبرلين وهتلر في ميونيخ، لأنه مُنعت الحرب في آخر لحظة كما تعلمون. وذكر نتنياهو تأييد الصحيفة في 2005 للاتفاق مع كوريا الشمالية على حل منشآتها الذرية ‘يتبين أن الدبلوماسية ناجحة’ وهو اتفاق نُكث بعد توقيعه بسنة فقط كاتفاق ميونيخ حقا.
إن غرور صحيفة ‘نيويورك تايمز′ لا يدعها تستريح على اشواك اخطائها الفظيعة. وهي بدل أن تهاجم ايران تهاجم الذي يحذر منها. ذكر زميلي دوري غولد في السبت الاخير مساعدة الصحيفة على حملة خداع آية الله خميني قبل أن يصل الى ايران، فقد نشرت الصحيفة مقالة بقلم البروفيسور ريتشارد بالك عنوانها ‘ينبغي الوثوق بخميني’. وأُسمعت نفس الانغام المتعلقة بروحاني في حال خميني، فقد وصف مستشاروه بأنهم معتدلون وتقدميون، بل إنهم يبدون اهتماما كبيرا بحقوق الانسان.
هل تعرف صحيفة ‘نيويورك تايمز′ الخدعة الاسلامية؟ وهل يعرف توماس فريدمان الذي كان يقف في ميدان التحرير محاطا باخوان مسلمين حليقي اللحى ،ويصر على أنه ليس للثورة صلة بالاخوان، هل يعرف ‘التقية’ التي تبيح للمؤمنين بها خداع العدو والكذب عليه، للبقاء في حكم مبارك؟ ومن ذا يحتاج الى خدعة وتقية اذا كانت صحيفة ‘نيويورك تايمز′ ومساعدوها يقومون بالعمل؟
ليس هذا الكلام انتقادا اعلاميا بحتا بل هو خطير بصورة خاصة، لأن صحيفة ‘نيويورك تايمز′ وأشياعها يعمون عيون الغرب عن النظر بجدية الى المقاصد الفتاكة لحكم آيات الله. انتبهوا هناك في نيويورك: فليس نتنياهو وليس وجود اسرائيل هما المطروحين للنقاش هنا بل وجود الغرب كله.

حرره: 
م.م