الخطوط الحمراء’اتفاق يمكن التعايش معه

بقلم: غيورا آيلند

سيبقى الموضوع النووي الايراني يشغل بالنا في الاسابيع القريبة القادمة ايضا. فالحدث المركزي الان هو استئناف الحوار بين ايران والقوى العظمى الست. وبخلاف الماضي، هذه المرة سواء في ايران أم في الولايات المتحدة يعلقون آمالا على اللقاء القريب. ويمكن ان يكون لهذا الحوار أربع نتائج مختلفة: واحدة ممتازة، واحدة جيدة، واثنتان سيئتان.
النتيجة الممتازة هي اتفاق مع ايران يزيل كل خطر ان يكون لايران سلاح نووي في المستقبل المنظور. النتيجة الجيدة هي أزمة تؤدي بالغرب الى الاستنتاج بانه لن يكون ممكنا التوصل الى تسوية بالوسائل السلمية. النتيجة السيئة الاولى هي استمرار المفاوضات بلا نتائج، فيما يواصل الايرانيون تطوير النووي (وهذا، الى هذا الحد او ذاك، ما حصل في السنوات العشر الاخيرة)، والنتيجة السيئة الثانية هي اتفاق سيئ مع ايران.
اتفاق سيئ معناه رفع العقوبات مع ابقاء قدرة ايران على ان تبقى ‘دولة حافة’ للسلاح النووي. ويخشى نتنياهو، وعن حق ان يكون هذا السيناريو، الرابع، هو الاكثر معقولية.
ما هو الفارق المهم بين الطرفين: من جهة توجد ايران، التي تبدي الاستعداد على ما يبدو لتقديم تنازلين كي تحقق الغاء للعقوبات: ان توقف تخصيب اليورانيوم في مستوى يزيد عن 4 في المئة، وتعزز آلية الرقابة. التنازل الايراني هو إذن في أمور قابلة للتراجع فقط. اسرائيل توجد في الطرف الاخر. طلبها الاساس هو أن تتخلى ايران تماما عن القدرة على تخصيب اليورانيوم. ولما كانت لا تسيطر على دائرة الوقود فلن تتمكن في المستقبل من انتاج قنبلة حتى لو ارادت.
الولايات المتحدة، مثل باقي الدول الغربية توجد منذ الان في الوسط. عن الشرط الاسرائيلي الاول (الحق في تخصيب اليورانيوم) تنازل اوباما منذ رده على خطاب روحاني، وذلك حتى قبل استئناف المفاوضات.
في هذه الظروف، ما هو الاتفاق الافضل الذي يمكن لاسرائيل أن تتوقعه، بل ان تحصل عليه؟ اتفاق كهذا يجب أن يتضمن اضافة الى وجود آلية رقابة (على مسار البلوتونيوم ايضا) بندا اساسيا واحدا: ان ينتقل كل اليورانيوم الذي خصب حتى الان، وذاك الذي سيخصب في المستقبل الى مستوى 4 في المئة الى دولة ثالثة، يتحول فيها الى قضبان وقود قبل أن يعاد الى ايران. قضبان الوقود هي المادة الخام لانتاج الكهرباء. ما أن تنتج حتى يكون من الصعب جدا، وحتى متعذرا اعادتها الى وضع اليورانيوم الخام الذي يمكن منه انتاج قنبلة ايضا. والامر يشبه التشبيه الشهير لشمعون بيرس، الذي قال فيه انه من السهل صنع عجة من البيض ولكن مستحيل صنع بيض من العجة. تسوية كهذه تحفظ لايران كرامتها، إذ انها تعترف بحقها في تخصيب اليورانيوم، ولكنها تنزع منها القدرة الحقيقية على انتاج قنبلة على مدى سنوات طويلة.
يوجد شرطان ضروريان لتحقيق اتفاق ‘متوسط زائد’ من هذا القبيل: الاول الا تكون التنازلات لايران في موضوع العقوبات الا نتيجة تحقيق الاتفاق وليس ‘خطوات لبناء الثقة’ تتم قبل ذلك. هذا الطلب، الذي يذكره نتنياهو وعن حق المرة تلو الاخرى، هو طلب حرج. شرط ثانٍ هو أن تنسق القوى العظمى في ما بينها قبل المحادثات مع ايران، وأن يتحدثوا في اثناء المفاوضات بصوت واحد: فالاتفاق الامريكي الروسي في موضوع السلاح الكيميائي في سورية يثبت أنه اذا تعاونت الدولتان العظميان، فسيكون ممكنا اخضاع حتى الخصوم العنيدين ايضا. روسيا غير معنية بان يكون لايران سلاح نووي. وعليه، اذا ما أعطوا لروسيا ‘الشرف الذي تستحقه’، فسيكون ممكنا خلق جبهة موحدة حيال ايران.
اذا ما تحقق مثل هذا الاتفاق، فلا بد أن اسرائيل الرسمية ستشكو من انه ليس كافيا، ولكنها عمليا ستعرف كيف تتعايش معه ولا سيما لان الاتفاق ‘الممتاز′ متعذر.

” رئيس مجلس الامن القومي سابقا

حرره: 
م.م