يجب التهدئة وعدم الحماسة

بقلم: أسرة التحرير

في غضون اقل من شهر قتل في الضفة الغربية ثلاثة اسرائيليين واصيبت طفلة. الاشتباه هو أن هذه عمليات مضادة، رغم انه في حالتين من هذه الحالات لم يستبعد اتجاه جنائي. هذا واقع معروف في علاقات الفلسطينيين والاسرائيليين. الخط الفاصل بين الجريمة الامنية وغيرها ليس واضحا دوما؛ وهو يحاذي الخط الاخضر، ولكنه لا يماثله. غير أنه لغرض تقويم واع للوضع، يجدر بنا أن نتناول الاحداث المنفصلة كجملة مؤشرات دالة وفحص المعاني السياسية الناشئة عن الظاهرة.

بعد ربع قرن من بدء الانتفاضة الاولى وعقدين على اتفاق اوسلو، محقون ضباط الجيش الاسرائيلي الذين يدققون في تقديرهم ويقولون انه في المناطق لا تتبلور انتفاضة اخرى. فالسلطة الفلسطينية وقوات أمنها تسيطر على الارض بنجاح متزايد إذ ان لهم حافزا لذلك. وبضغط امريكي استؤنفت المحادثات بين مندوبي رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ورئيس السلطة محمود عباس. ورغم الاخطارات العديدة بانتظام خلايا للعمليات، فان الجيش والمخابرات الاسرائيلية يحبطان تقريبا كل الخطط التي تنكشف. والفرضية هي أن العمليات التي لم تحبط نفذها افراد، بايحاء من منظمات ولكن ليس بتكليف مباشر منها.

في الوقت الذي تحاول فيه محافل مهنية ان تحل لغز مصدر أعمال القتل والدوافع خلفها، تسارع محافل يمينية تحقيق مكاسب سياسية من هذه الاحداث. فقد قرر نائب وزير الخارجية، زئيف الكين منذ الان بان ‘الارهاب الفلسطيني يرفع رأسه بتشجيع من التحريض الذي تقف خلفه السلطة الفلسطينية وقياداتها’. وسارع وزير الاسكان اوري ارئيل الى اللحاق به حين ‘طلب من رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، ان يوقف فورا المفاوضات السياسية التي لا تجلب شيئا غير سفك الدم اليهودي’،’ بل ان ارئيل يطالب ‘بوقف تحرير المخربين واعادة القرار بتحريرهم الى طاولة الحكومة لبحث عاجل فيه’.

وبالذات على خلفية حقيقة أن عناصر الانفجار في الميدان موجودة منذ الان وثمة حاجة الى تهدئة التوتر، يجدر بالكين وارئيل وباقي المثيرين للشقاق والنزاع ان يكفوا عن الخطاب الحماسي، وان يتصرفوا بمسؤولية. فاذا ما غاب الافق السياسي، في أعقاب خضوع نتنياهو لضغوط اليمين في حزبه وخارجه، فان الارض ستشتعل مرة اخرى. وبالتالي من المهم أن في هذه اللحظات بالذات تتمكن حكومة اسرائيل من أن تفهم عظمة مسؤوليتها وتفعل كل ما في وسعها كي تؤدي التزاماتها نحو الفلسطينيين والامتناع عن الاستفزازات الزائدة.