لإسرائيل سبب للخوف من اتفاق متسامح مع إيران

بقلم: دوف فايسغلاس

إعتاد اريك شارون أن يقول لنا إنه من المهم أن يحبوكم في الحياة العامة، لكن ذلك غير ممكن دائما. ‘يبدو أن جزءا من الناس لن يحبوكم، لكن ينبغي ألا يحدث شيء واحد، بربكم وهو ألا يسخروا منكم’.

دُفعت اسرائيل الى عُسر سياسي: وهو الخوف الحق من ألا تقضي التسوية المتوقعة مع ايران على البرنامج الذري العسكري.

ومن المؤسف كثيرا أن اسرائيل ترد بصورة تثير السخرية شيئا ما، على نحو ما يجري في الدول الجارة: ففي ايام صعوبة سياسية ينشرون أمر اعتقال ‘عميل اجنبي’، ويعرضون صور ‘تدريب عسكري’.

عشية خطبة رئيس الوزراء نتنياهو في الجمعية العامة للامم المتحدة أجاز ‘الشاباك’ وهو منظمة تطلب على نحو عام السرية المطلقة في ما يتعلق بتحقيقاتها نشر أمر اعتقال عميل ايراني، مسلح بسراويل قصيرة، ونشر صورة ‘معوجة قليلا’ صورها العميل لسطح مبنى السفارة الامريكية في تل ابيب، وكل ذلك كي يتحدث رئيس الوزراء عن ذلك في خطبته في الامم المتحدة، لأنه ربما بذلك تتشوش علاقة الحب التي أخذت تنشأ بين ايران والولايات المتحدة.. ربما.

وتبّل نتنياهو الخطبة باعلان حاسم بأنه اذا لم يُرض الاتفاق المتوقع بين ايران والولايات المتحدة اسرائيل فستحقق اسرائيل حينها بنفسها وهي وحدها حقها في ‘حماية نفسها’. ولاثبات مبلغ كون التهديد حقيقيا أُرسل سلاح الجو الاسرائيلي ‘للتدرب’ فوق دولة اوروبية واعداد ‘القدرات’ المطلوبة لطلعات جوية هجومية طويلة. ونشر اعلان مصور بذلك بصوت عال.

امتنعت اسرائيل الى الآن رغم كل التهديدات والكلام من الهجوم على ايران، ومن جملة اسباب ذلك المعارضة الامريكية. فهل بعد أن يُحرز الاتفاق ‘التاريخي’ بين الولايات المتحدة وايران، وحينما يعرض اوباما بفخر القلم الذي منحه إياه روحاني في مقام التوقيع فهل في ذلك الوقت خاصة تهاجم اسرائيل ايران؟

يصعب أن نصدق أن تتجرأ اسرائيل على احباط ‘الانجاز′ الامريكي من وجهة نظر الولايات المتحدة على الأقل بطائرات منحتها إياها الولايات المتحدة، وأصعب أن نصدق أن تدع الولايات المتحدة اسرائيل تفعل ذلك.

فان سلاح الجو الاسرائيلي (‘وهو الذراع الطويلة للجيش الاسرائيلي المسؤولة عن تحقيق الخيار’، كما ورد في الاعلان غير المتواضع كثيرا الذي نشر بعد التدريب) يعلم جيدا أنه تكفي رسالة قصيرة امريكية، فلا تخرج أية طائرة من مربضها. فلماذا هذا الهراء؟ ليس فيه شيء سوى تأدية رسالة ذعر. ويا لمبلغ الأسى لأن منظمتين كالجيش الاسرائيلي و’الشاباك’ كانتا الى الآن قلعتي وعي وتقدير للامور ومسؤولية أصبحتا تشاركان في أباطيل كهذه.

إن لاسرائيل بيقين سبب جيد يبعثها على الخوف من اتفاق متسامح مع ايران. فيجب على الحكومة أن تعمل ببرودة أعصاب وهدوء وتقدير للامور دون حيل دعائية و’عمليات’ دعاية أو اعلام. ويجب على الحكومة أن تجري محادثات واقناعا مشحونين بالمعلومات الاستخبارية والعلم مع الادارات في الولايات المتحدة وفي دول اوروبا ذات القرار؛ وأن تشارك دولا اخرى في المنطقة تهددها الذرة الايرانية وأن تفعل ذلك في هدوء وسرية. فليس عند الجمهور في الولايات المتحدة واوروبا أصلا، رغم أن أكثره يعارض ايران الذرية، ليس عنده أي فهم وقدرة على التعبير عن الرأي في الشؤون المعقدة لدرجات التخصيب وعدد آلات الطرد المركزي، وما أشبه ذلك من موضوعات تقنية لكنها جوهرية لأجل جوهر الاتفاق المتوقع. وكل ذلك ستبت فيه الحكومات. والتوجه الى الجمهور من فوق رؤوس الزعماء يثير الغضب ويضر ولا فائدة فيه. وإن نشر اعتقال ‘عملاء ايرانيين خطيرين’، والتهديد الأجوف بالهجوم المصحوب بـ’تدريبات جوية’ وما أشبه ذلك من الحيل، سيسبب لاسرائيل فقط ما حذر اريك شارون منه وهو أن يسخروا منها.

 

يديعوت أحرنوت

حرره: 
ا.ش