فيلم رعب من بني غانتس

بقلم: رؤوبين بدهتسور

يبدو أن رئيس هيئة الاركان بني غانتس استقر رأيه على أن جميع الوسائل تجوز، وعلى أن كل حيلة مشروعة، حينما يكون الهدف زيادة الموازنة الامنية، لأنه لولا ذلك لصعب أن نفهم ‘خطبة يوم الدين’ التي خطبها في الاسبوع الماضي في جامعة بار ايلان. وأقول لمن فاته عرض الرعب، إليكم تناوله للطريقة التي ستبدأ بها الحرب التالية: صاروخ دقيق موجه على مبنى هيئة القيادة العامة في الكرياه في تل ابيب، وهجوم سايبر على موقع في الشبكة يقدم خدمات يومية لاسرائيل الاشارات الضوئية أو المصارف، وتفجير نفق مفخخ يفضي الى انهيار روضة اطفال أو انقضاض الجموع على بلدة بالقرب من الجدار.

واذا لم يكن ذلك مخيفا ومقنعا بقدر كاف، فان غانتس تابع ووصف أمام الجمهور كيف سيجعل حدث اختطاف سريع في الشمال المنظر الريفي لهضبة الجولان ميدان قتال فيه الدم والنار وأعمدة الدخان، ويشعل كل الحدود من هناك: فتحاول منظمات أن تنفذ اعمال تسلل الى داخل الهضبة، ويطلق حزب الله صواريخ. إن مقدار دقة هذه الصواريخ سيزيد جدا وتستطيع المنظمة أن تصيب كل هدف تقريبا تختاره داخل اسرائيل، وتُطلق رشقات مشابهة على ايلات ايضا، وفي مقابل ذلك يصل مئات من ناشطي حماس الى حاجز ايرز.

‘إن كل سامع سيُصاب بالرعب. فالويل لنا اذا نشبت حرب لأن العدو على الباب وهو فظيع رهيب. واذا سأل أحد من سامعي رئيس الاركان ما الذي جعله وهو المعروف بأنه انسان معتدل غير أهوج، يخطب خطبة جد مرعبة كهذه، فقد جاءت جملته التالية وبينت السبب: ‘الميزانية الامنية… أوجبت علينا أن نخاطر مخاطرات كنت آمل أن نستطيع ادارتها على نحو أكثر تقديرا… ويوجب هذا الواقع علينا أن نربط أمننا بالموارد المناسبة’. وهذه صياغة معوجة مُحكمة تقول في حقيقة الأمر إنه اذا أُعطي الجيش الاسرائيلي ميزانية امنية مناسبة، فانه يستطيع أن يواجه ايضا سيناريوهات الرعب التي عرضها بتفصيل كبير جدا. وفي مقابل ذلك فان الميزانية الحالية التي أُجيزت في الكنيست لا تلبي الحاجات وهي خطيرة.

اذا تجاوزنا استعمال رئيس هيئة الاركان الاشكالي لخطاب التخويف غير المنضبط، فان التهديدات التي أشار اليها ليست جديدة، وليس من الواضح ان الاستثمارات المالية التي لم تحدث حتى الآن ستحسن قدرة الجيش الاسرائيلي على مواجهتها. وتجاهل غانتس في خطبته التطورات الايجابية في منطقتنا التي تفضي الى مضاءلة كبيرة للتهديدات لاسرائيل. فالأحداث في مصر وسورية جعلت تهديد الحرب الشاملة غير ذي موضوع. و’الجبهة الشرقية’ المشهورة لم تعد قائمة، فلم تعد تواجه اسرائيل دول عدوة، بل منظمات مسلحة، وقوة الجيش الاسرائيلي تفوق قوتها بعشرات الاضعاف.

جاءت المساعدة لرئيس هيئة الاركان في شخص وزير حماية الجبهة الداخلية جلعاد أردان، الذي شارك هو ايضا في المؤتمر. فقد بين الوزير أنه في الحرب القادمة ستكون ‘اسرائيل تحت هجوم بآلاف الصواريخ، هجوم يستمر ثلاثة اسابيع′. وقال أردان إن المنظمات العدو عندها أكثر من 200 ألف صاروخ، ‘قادرة على اصابة كل بيت في اسرائيل’.. إنه الخوف.

‘إن المشكلة هي أن هذه الطريقة تنجح، وإن سيناريوهات رعب رئيس الاركان لا تخيف الجمهور فقط، بل اعضاء الكنيست ووزراء الحكومة ايضا. إن هؤلاء الذين يفترض أن يكفوا شهوة جهاز الامن التي لا تشبع سيصوتون قريبا جدا على زيادة الميزانية الامنية، لأنه كيف نستطيع أن نمنع الجيش الاسرائيلي من الاستعداد للتهديدات الفظيعة التي فصلها رئيس هيئة الاركان، في منطقتنا. ومن شبه المؤكد أنه لن يوجد أحد من أصحاب القرار سيطلب الى غانتس تفصيلا وشروحات تُبين الى أين تمضي زيادات المليارات التي يحصل عليها الجيش في كل سنة وكيف تسهم في الأمن.

هآرتس