حينما يرفضون سماع الحقيقة

بقلم: داني دنون

أصبح الاسرائيليون والفلسطينيون بعد عشرين سنة من وقوف اسحق رابين وياسر عرفات على أعشاب البيت الابيض، الى جانب الرئيس كلينتون في منتصف الجولة التي لا يعلم أحد كم هي من التفاوض، وعلى رغم الجهود، يبدو السلام الحقيقي اليوم أبعد مما كان يبدو قبل أن يُكشف للعالم عن المحادثات السرية في اوسلو.

إن الكلام المذكور آنفا الذي تم اقتباسه في مقالة أسرة تحرير ‘هآرتس′ في 23/9 وأُخذ من مقالة كتبتها ونشرت في صحيفة ‘نيويورك تايمز′، هو وصف دقيق للواقع، لكن يوجد من يرفضون التصديق أو ما زالوا يكذبون أنفسهم. وما زال مهندسو اوسلو يعززون الوهم، ومن السهل عليهم جدا أن يتهموا اسرائيل بالواقع الموجود في الشرق الاوسط: فحين لا يوجد تفاوض تكون اسرائيل مذنبة. وحينما تنتهي جولة المحادثات الى لا شيء تكون اسرائيل مذنبة. وحينما يرتفع سعر برميل النفط في العالم تكون اسرائيل مذنبة. فاسرائيل مذنبة دائما. والحقائق لا تشوش على ذلك فهم لا يُبلبلون لحظة واحدة وما زالوا يصورون واقعا أعوج. وهم يغمضون أعينهم ويسدون آذانهم، بل يغلقون أنوفهم وكل ذلك للتجاهل.

يجب أن نقول لمهندسي اوسلو بعد عشرين سنة، الذين يعتقدون أن الحكمة كلها عندهم كانت تجربة حسنة لكنكم فشلتم، ويجب أن نقول ذلك من فوق كل منصة. من المؤكد أنهم يفضلون أن أحتفظ بكلامي لأكتبه في نشرات الكُنس لا في مقالات في صحيفة ‘نيويورك تايمز′، لكنهم في العالم يدركون أن التفاهمات الكثيرة التي اعتمدت على اتفاقات اوسلو لم تعد لها صلة بالواقع اليوم. وقد حاولوا آنذاك ايضا، في فترة اوسلو أن يسكتوا الرأي الآخر. لكنني سأستمر باعتباري شخصا ألتزم بنهج الصهيونية، وباعتباري شخص حياة عامة ذا مبادئ، في التعبير عن مواقفي التي لا تتجاهل الواقع.

إن فكرة ‘الاراضي مقابل السلام’ جُربت وفشلت. وربما حان الوقت لفتح العيون والآذان لافكار اخرى تقترحها أجزاء واسعة من الشعب. وربما لو وجه مهندسو اوسلو انتباههم الى افكار قيادة المعسكر الوطني بنفس قدر إظهارهم للحساسية والانفتاح تجاه الفلسطينيين، ربما لو فعلوا ذلك لكان وضعنا اليوم مختلفا.

إن اتفاقا مرحليا في وقت أصبح الشرق الاوسط كله فيه في رجة عنيفة مع سقوط حكام وانتقاض عُرى نظم حكم وتقاتل ملايين المدنيين في الشوارع من سورية الى مصر، مع عدم يقين بأن يبقى محمود عباس حتى اسبوعا آخر في الحكم، هو غباء. فمع كل الأسف اذا يضطرنا الواقع في منطقتنا وفي دولة اسرائيل الى أن نحيا عشرات السنوات ونحن نمسك بالسيف بيد ونمد الاخرى للسلام. ولست مستعدا لأراهن على اتفاقات ولأحيا في أوهام قد تضر بمستقبلنا وبمستقبل أبنائنا في ارض اسرائيل. هكذا أنا.