اوباما رفع علما أبيض

بقلم: البروفيسور ابراهام بن تسفي

كانت خطبة الرئيس اوباما أمس في الجمعية العمومية للامم المتحدة مُعلمة بعلامة الصحوة والتسليم بهبوط الولايات المتحدة من قمة القيادة العالمية وحدها.

وكان الكلام رسالة واضحة، وهي أن القوة العظمى الامريكية لم تعد قادرة على أن تحمل وحدها عبء المسؤولية عن النظام الدولي، وأن طموحها كله هو أن تعمل مع المجتمع الدولي في شراكة، مع الاعتماد على وسائل دبلوماسية. وفي السياق السوري اختفت دفعة واحدة رقصة السيوف مع نظام الاسد، وحل محلها تأكيد مجلس الامن، باعتباره الجسم الذي يفترض أن يطبق ‘اتفاق جنيف’. في الوقت الذي بقي فيه تناول الرئيس لعقوبات دولية على دمشق في المستقبل، اذا نكثت بالتزامها التجرد من سلاحها الكيميائي، عاما لا أسنان له. ويُقال الشيء نفسه في المجال الايراني ايضا. فقد كرر الرئيس هنا وبصورة حرفية تقريبا رسالة المصالحة التي أرسلها في 2009 الى الشعب الايراني وقيادته، لكن الكلام بخلاف الماضي قد صدر هذه المرة عن موقف ضعف واضح، وذلك لأنه بسبب الفشل المدوي لمحاولته (التي لم يكن لها داع) أن يُجند دعم مجلس النواب لعمل عسكري محدود على سورية، وعلى خلفية معركة العمالقة التي يقوم بها البيت الابيض في مواجهة مجلس النواب في قضية الميزانية العامة، لا أمل في أن يحصل اوباما من مجلس النواب بتشكيلته الحالية على موافقة على عملية عسكرية على ايران مهما تكن الظروف. وهكذا وجد الرئيس الضعيف اوباما نفسه، وهو الذي رفع في خطبته علما ابيض، في ما يتعلق بقدرة الولايات المتحدة على تشكيل المحيط العالمي، واقفا أمام العدو الايراني، الذي ضعف هو ايضا بسبب عقوبات مُشلّة. وتم التعبير عن نتيجة هذا التلاقي تعبيرا مكررا في الخطبة الرئاسية التي وافقت على المسيرة السياسية على الأنغام المتسقة التي تصدر في هذه الايام عن العاصمة الايرانية. والسؤال الذي يُسأل هو: أيوجد في هذه الظروف، ولا سيما على أثر الفشل في السياق السوري احتمال حقيقي لأن تترجم الموسيقى الخلفية الليّنة التي يعزفها ‘كل أناس روحاني’ الى قرار استراتيجي على تجميد مشروع السلاح الذري؟

إن مسار التفاوض الذي يفترض أن يقوده وزير الخارجية الذي لا يكل جون كيري من الجهة الامريكية، قد يلقي ضوءا على هذه المسألة الجوهرية. يمكن فقط أن نأمل بأن يكون نجاحه في هذا الصعيد أكبر من نتائج جهوده لتهيئة القلوب لعمل عسكري موجه على سورية.

اسرائيل اليوم