الحصان الايراني ينطلق الى الغرب

بقلم: حيمي شليف

إن الحصان الفضي يُعتبر أقدم حصان عنصري في العالم. أصله في اقليم مازندران في شمال ايران. وهو معروف ايضا باسم ‘الحصان الملكي’، بسبب حب الملك الفارسي دارا الاول له، وهو الذي أُتم في عهده بناء الهيكل الثاني.
إن هذه الخيول الصغيرة التي تشير صورها الى رموز دارا الملكية، تم العثور عليها من جديد في منتصف القرن الماضي، بعد أن اعتُبرت عرقا بائدا: وهي مشهورة اليوم كما كانت مُقدرة في الماضي بسبب سرعتها ومرونتها في الأساس.
كان واضحا منذ لحظة افتتاح جلسة الجمعية العمومية للامم المتحدة يوم الاثنين أن الادارة الايرانية تنطلق مثل حصان فارسي كي تبدأ علاقاتها بالغرب من جديد، وتعلن عن نيتها أن تُظهر التصميم والمرونة على حسب ذلك. وبهذا الايقاع والى أن يعتلي رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو المنصة في يوم الثلاثاء القادم ليكون آخر خطيب في الجمعية ليحذر من ‘الشرك’ الايراني، كما ورد يوم الاثنين في صحيفة ‘نيويورك تايمز′، الى ذلك الحين قد يتبين له أن الخيول الايرانية قد هربت من الاصطبل.
لأنه في العلاقة الغرامية التي أخذت تنشأ بين واشنطن وطهران، اذا جاز لنا أن ننتقل الى حيوان آخر، تريد البقرة أن ترضع بقدر لا يقل عن ارادة العجل أن يرضع. فلم يكد الرئيس روحاني يهبط في نيويورك حتى حُدد اجتماع ‘تاريخي’ بين وزير خارجيته جواد ظريف، الذي سيتولى منذ الآن التفاوض الذري، ونظيره الامريكي جون كيري، في اطار لقاء الحلقة المعروفة بأنها حلقة القوى الكبرى الخمس + واحدة. وسرت في أروقة البيت الزجاجي على ضفاف الايست ريفر أمس اشاعات عن لقاء أو ربما نصف لقاء قد يتم اليوم بين روحاني والرئيس اوباما، في نطاق غداء يدعو اليه الامين العام للامم المتحدة بان كي مون.
ينوي روحاني الانقضاض على الرأي العام الامريكي في جميع الجبهات. وليست نقطة ضعفه المركزية وعوده الغامضة بشأن السلاح الذري الايراني التي يُفرح امريكا أن تؤمن بها بل إنكار سلفه محمود احمدي نجاد للمحرقة، الذي رفض روحاني الى الآن أن يتبرأ منه. وقد رفضت قيادة المجتمع اليهودي الايراني في امريكا لقاء روحاني، رغم طلبه وذكرت إنكار المحرقة باعتباره واحدا من ذرائعها. وربما يكون الحديث من وجهة نظر نتنياهو عن ورقة اللعب القوية التي يملكها في نضاله عن الرأي العام الامريكي، الذي ربما يحل محل الرسم المجرد للقنبلة الذرية الايرانية الذي رفعه في الجمعية العمومية في السنة الماضية.
مهما يكن الامر فان الحديث عن ايام ترف لمنظمة الامم المتحدة نفسها، التي أصبحت فجأة ساحة حسم لأكثر الأحداث مركزية. وسيحصر العالم كله عنايته اليوم في الجانب المعلن للعلاقة الغرامية الجديدة بين الولايات المتحدة وايران، حينما سيعتلي اوباما المنصة في الجمعية العمومية للامم المتحدة في الصباح (بحسب توقيت نيويورك) وبعده روحاني في خطبة سيلقيها بعد الظهر، قُبيل منتصف الليل في اسرائيل. وسيتابع الساسة والمحللون كل كلمة تصدر عن الزعيمين قد تشير اشارة خفية الى موقفيهما من القضية الذرية، وبقدر لا يقل عن ذلك ايضا الى تسوية قضية السلاح الكيميائي السوري، وهو الموضوع الثاني الذي تنصرف إليه العناية الدولية.
إن حلبة الصراع في ما يتعلق بالسلاح الكيميائي موجودة بالطبع في مجلس الامن حيث بدأ الصدام هناك بين واشنطن وموسكو بشأن حدة ‘أسنان’ القرار الذي يتوقع أن يتبنى مواد الاتفاق الامريكي الروسي الذي أُحرز قبل اسبوعين. فالروس يتحفظون من طلب امريكا أن يكون القرار مقرونا بتهديد باستعمال القوة بحسب المادة السابعة من ميثاق الامم المتحدة لكن قدرتهم على الحيلة محدودة هذه المرة، لأنهم لا يريدون أن يُدفعوا الى وضع يضطرون فيه الى الاعتراض على أنفسهم.
وستشتغل الأطراف كلها في الايام القريبة بالطبع بالمساومة التي يمكن أن نسميها ايضا ولآخر مرة بيقين ‘تجارة خيول’.