أمـيـركـــا تـنـســحــب تـاركـــة إسـرائـيــل وحـــدها

بقلم: ايتان هابر*

إذا لم تطرأ تغييرات كبيرة على أنظمة عمل السفارة الأميركية في تل ابيب، سيترجم هذا المقال الى الانجليزية، اليوم (أمس) في الخامسة صباحا تقريبا. بعد نحو ثلاث ساعات، حين يصل السفير الأميركي الى مكتبه، سيجد على طاولته المقال المترجم، يقرأه، ويقرر لمن يرسله من القراء في الولايات المتحدة.

لن يكون هناك أي تعقيب رسمي على ما هو مكتوب هنا، واذا كان فانه سيتحدث عن "تماثل المصالح، التقارب في القيم الاخلاقية... الولايات المتحدة دعمت اسرائيل منذ لحظة اقامتها، وستكون الى جانبها في المستقبل ايضا".

اما التعقيب غير الرسمي فسيكون شيئا على نمط "هممم". والتعقيب الحقيقي، على ما يبدو ولأسفنا قد يكون: "ثمة شيء في هذه الاقوال".

إذاً، فلنتوجه الى الاقوال نفسها، ونبدأ من النهاية: أميركا، اذا كان ممكنا الحديث بعمومية، تغادرنا – الشرق الاوسط بشكل عام واسرائيل بشكل خاص.

هذا ليس مسألة اسبوع، شهر وحتى سنة. هذه مسيرة ستستمر لزمن آخر، وفي نهايتها سنبقى هنا، في الشرق الاوسط، وحدنا.

نحن حيال كل البلدان العربية في الدائرة الاولى، القريبة، وفي الدائرة الثانية، الابعد، واذا كان ممكنا أن نقول بالرقة اللازمة: الدائرة الاكثر اخافة، التي تضم مليار وربع مليار مسلم يعيشون اليوم.

اذا ما سُمح لي بان أخمن، فان أميركا تعبت من أن تكون شرطي العالم.

فما بالك ان لهذا المنصب غير المحترم كثيرا ثمنا باهظا في نظرها: من ادائها كشرطي في العراق او في افغانستان مثلا، ترى عندها توابيت مغطاة بعلم أميركي تهبط على الشريط المتحرك من طائرة سلاح الجو في ديلاور.

واستخدام الشريط معناه انه لا ينزل تابوت واحد أو اثنين، وتكفي الحكمة وليس التلميح.

وهذا بالطبع، يتناقض مع الرأي الذي نستطيب جدا نشره في أنه لدى الأميركيين (والبلدان العربية ايضا) لا توجد حساسية لضحاياهم.

لقد جرى الحديث كثيرا وكتب كثيرا مؤخرا عن أميركا التي تتجه عائدة الى الديار: عن التقليص الكبير في تعلق الولايات المتحدة لمصادر الطاقة في الشرق الاوسط، عن ميول الانعزاليين التي كانت خفية في أميركا على مدى السنين، عن القوة الأميركية الاخذة في الضعف، عن الحكم الذي لديه اهتمام أقل فأقل بالمنافسة مع روسيا، وغيره.

حيال كل هذه الادعاءات تقف الادارة في واشنطن لتدعي وتكرر "بغير صراخ" والامور وجدت تعبيرا شديدا لها في زيارة الرئيس اوباما الاولى، وحاليا الاخيرة الى اسرائيل. أتذكرون؟ لقد قال بالعبرية: "انتم لستم وحدكم" وقد كان محقا ولا يزال.

أميركا لا تزال تمسك يدنا وتدعمنا، وتقوم تجاهنا بخير شديد.

ودونها ليس لنا حياة بالتأكيد لا اقتصادية ولا امنية. امننا في هذه اللحظة متعلق كله، او كله تقريبا، بأميركا الكبرى، ولكن ايضا – ورجاء لا تنسوا – الجيش المصري اليوم متعلق كله بالولايات المتحدة.

فهل يمكن لهذا ان يواسينا في أنه اذا أبقت أميركا الشرق الاوسط خلفها، فستعاني من ذلك اسرائيل ومصر على حد سواء؟ تماما لا.

ماذا تبقى لنا، إذاً، لنعمل؟ اولا ان نفهم ونعرف ونتعلم ونستوعب لان هذه مسيرة ستكون على ما يبدو بطيئة، ومتعلقة جدا ايضا بمن يكون الرئيس التالي للولايات المتحدة، بعد أوباما، وماذا ستكون عليه سياسته بالنسبة للدور الذي مله الأميركيون: ادارة العالم.

ثانيا ان نجند الجيوش. أميركا لا تزال متأثرة بأصدقاء اسرائيل، من يهود وغير يهود، ممن يؤمنون بإسرائيل وقيمها. ومع أنهم باتوا تعبين، وذكرى الكارثة لم تعد "تؤثر" عليهم كما كان في الماضي، لكن يمكننا ان نعرض تبديل الاجيال والدم الجديد ونخلق، ربما، زخما اسرائيليا جديدا مع الاسرائيلي الجديد، ذاك الذي اصبح اسما مرادفا للتكنولوجيا العليا والتكنولوجيا الحديثة.

وثالثا، الا نورط أميركا بما لا تريد أن تتورط فيه.

مثلا، السلاح الكيميائي؛ مثلا، السلاح النووي. هذا ما ينقص الأميركيين الان فقط: ان يسألوهم لماذا ينتقدون سورية على السلاح الكيميائي ويصمتون عند الحديث معهم عن السلاح النووي الاسرائيلي.

وقد بات بوتين يستغل الفرصة التي سقطت في يديه ويتسلق هذا السطح في الايام الاخيرة، وعلينا أن نجند الناس الاخيار جدا والعقول الخيرة جدا – في محاولة لازاحة النار عنا.

سؤالنا اليوم هو: "هل لدينا الاشخاص الاخيار جدا؟ أم مرة اخرى سيقترح علينا اليهود هنا في البلاد ان نصلي صلاة المشورة. اخس، كل العالم سيكون عندها ترابا تحت أقدامنا؟".

حرره: 
م . ع