سوريا.. خطأ اميركي استراتيجي

بقلم: يورام إيتنغر

إن وجود قاعدة سلاح غير تقليدي في أيدي نظم حكم مخالفة للقانون كنظام بشار الأسد أو الاخوان المسلمين أو القاعدة، يفضي الى عدة مسارات غير مرغوب فيها، دونما أية صلة باسرائيل. فهو سيعجل انتشاره، ويجعل التهديدات التكتيكية استراتيجية؛ ويعزز سعي ايران الى القدرة الذرية والى الهيمنة، ويزيد في قوة التهديدات الوجودية للاردن والسعودية ودول عربية أخرى منتجة للنفط وموالية لأميركا.
إن وجود قاعدة سلاح كهذه لدى نظم حكم خطيرة سيسهل ايضا نقل سلاح غير تقليدي الى منظمات ارهابية اسلامية معادية لاميركا ويعزز باعث عشرات خلايا الارهاب النائمة في الولايات المتحدة. ولهذا فان قاعدة السلاح غير التقليدي في سوريا هي تهديد واضح ومباشر للمصالح الاقتصادية والأمنية الأميركية.
لكن تصورا عاما مخطئا للرئيس باراك اوباما يضعف صورة الولايات المتحدة الاستراتيجية ويعزز التسونامي العربي. وعلى سبيل المثال تمسك اوباما منذ أن دخل البيت الأبيض بسياسة متعددة الجنسيات ترى أن الأمم المتحدة هي التي تجري اللعبة الدولية على حساب سياسة مستقلة للولايات المتحدة. ويتحفظ اوباما من الفخر الأميركي بالتميز الاخلاقي والعسكري والقيادي، ويعتذر عن مظالم اميركية ويعد "بالقيادة من الخلف". لكن بقيت الولايات المتحدة وحدها في مواجهة التحدي السوري.
وفي رد على ذلك أعلن اوباما مبادرة عسكرية مستقلة للولايات المتحدة لا تحتاج بخلاف اعلان الحرب الى موافقة مجلس النواب الأميركي. وتراجع عن ذلك بعد زمن قصير ونقل المسؤولية الى مجلس النواب واستعبد بذلك استقلال القرار الأميركي لمبادرة متعددة الجنسيات بقيادة روسيا التي هي حليفة ومسلحة رئيسة لسوريا وايران، وهي العائق الرئيس عن عقوبات فعالة على طهران. وروسيا هي ايضا ألد عدو للولايات المتحدة في الأمم المتحدة وأنحاء العالم. ورغم ذلك يعاون اوباما مبادرة روسية الى رقابة دولية لم تثمر شيئا في كوريا الشمالية وايران، ويوافق بدل عملية فورية على جدول زمني طويل يصب في مصلحة روسيا وسوريا.
في السادس من أيلول هذا العام قالت سمانثا باور، سفيرة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة، وهي مستشارة مقربة من اوباما إنها توقعت أن تدير ايران وروسيا ظهريهما لبشار الأسد. وكشف مستشار الأمن القومي للزعيم الأعلى الايراني خامنئي عن ضحل باور وحذر بقوله: "إن الهجوم على سوريا سيفسر بأنه هجوم على ايران"، وبتعزيز الالتزام العسكري الروسي لسوريا وايران. إن طموح الاخوان المسلمين والقاعدة بخلاف طموح الأسد المحدود في حدود سوريا، يسع العالم الاسلامي و"عالم الكفر" بعد ذلك. فهاتان المنظمتان جهتان ارهابيتان معاديتان لاميركا، توجههما الشريعة الاسلامية وهما ضدان للديمقراطية ولا تسامح منهما مع المسلمين و"الكفار". وكلما ضعف نظام عربي استبدادي عسكري، قوي الارهاب الاسلامي. لكن اوباما مع رئيس وكالة الاستخبارات المركزية ومع مستشاره القريب جون برينن، لا يعرفون الارهاب الجهادي لأن "الجهاد هو عمل لتطهير النفس"، كما قال برينن.
ينبغي للقضاء على قاعدة السلاح غير التقليدي في سوريا تجنب أخطاء الماضي وصوغ سياسة اميركية تنبع من الواقع المركب في الشرق الأوسط لا من خواطر تبسيطية، والاتجاه الى عمل عسكري مركز ومكثف غير مستعبد لمصالح مناقضة لروسيا ولأكثر اعضاء الأمم المتحدة.

 

حرره: 
م.م