اسرائيل اليوم في وسط خطير

بقلم: شالوم يروشالمي

أب ما بعث ابنه ليتعلم خارج البلاد. كل شيء سار على نحو جيد وجميل، الى أن بدأ الابن يبعث برسائل ليطالب بمزيد فمزيد من المال، فغضب الاب. وفسر الرسائل بانها مطالبات وقحة من الابن. ‘انظروا ماذا يكتب لي. لن أبعث له بأي قرش آخر’، قال لاحد اصدقائه. فنظر الصديق الى الرسائل ووبخ الاب. ‘ماذا تريد؟ يطلب منك ان تبعث له بالمال اذا كنت تستطيع. وهو مؤدب ومراعٍ جدا. لو كنت مكانك لضاعفت له المبلغ’. 
والى الاتفاق الجديد أيضا الذي تحقق بين الولايات المتحدة وروسيا على نزع السلاح الكيميائي السوري حتى 2014 يمكن النظر من عدة زوايا. نحن، خلافا لرجال اوباما الذي يحتفلون بالاتفاق ويرونه انجازا امريكيا، سنرى الصورة المعاكسة. وقد بدأ هذا بتهديد الرئيس الامريكي بمهاجمة سورية بعد المذبحة الكيميائية التي ارتكبتها (اذا كانت ارتكبتها) في 21 آب/اغسطس. التهديد لم يتم. وادعى اوباما بان التهديد أدى الى الاتفاق الجديد. يحتمل أن يكون التهديد الذي نجح كان بالذات تهديد الرئيس الاسد الذي وعد باحراق كل الشرق الاوسط فردع بذلك الامريكيين، الفرنسيين، البريطانيين وكل الآخرين الذين لم يرغبوا في التورط في مغامرة شرق اوسطية اخرى. 
في كل الاحوال، الهجوم الذي وعد به اوباما كان اشكاليا. ‘مخزونات السلاح الكيميائي موزعة في عشرات المخازن الفرعية، ولهذا فان الهجوم ما كان يمكن أن يكون ناجعا’، يقول العقيد دودو شيك، نائب قائد الوحدة البحرية سابقا. والنتيجة هي أن روسيا وسورية ستواصلان خداع الامريكيين، والسلاح الكيميائي سيبقى على حاله. ويضيف شيك بان ‘استخدام السلاح سيكون في الخفاء مما سيشكل ميزة تكتيكية للجيش على الثوار المنخرطين داخل السكان. كما أن السكان سيخافون الان من مساعدة الثوار كي لا يتعرضون للكيميائي الذي سيقع على رؤوسهم’.
فضلا عن ذلك، توجد اليوم للاسد رخصة للقتل. وهو سيصدر أصوات رجل يحترم الاتفاق، سيواصل الاحابيل مع الروس، وسيواصل ذبح شعبه، هذه المرة بسلاح تقليدي. والان توجد له يد حرة، حيث أن امريكا والامم المتحدة تطاردان ‘المخزونات’ وتغضان النظر عن كل ما تبقى. ليس مفاجئا أن قائد الجيش السوري الحر، الجنرال سليم ادريس، انتقد الاتفاق الذي حققه جون كيري وسيرجي لافروف. وقال ادريس وعن حق: ‘حتى قبل نزع السلاح الكيميائي يوجد واجب اخلاقي لتقديم الاسد المحاكمة’. ولا يمكن الا نرى ابتسامات الروس، التي تتوزع تقريبا على كل المعمورة. الرئيس بوتين يقرر جدول الاعمال الجديد، ويدحر أمريكا. محور روسيا ـ الصين- ايران- سورية لا يضعف بسرعة، بل العكس. روسيا لا تتنازل عن صراع هيمنتها في المنطقة. زعماؤها مفعمون بالمصالح ويكسبون المليارات بتجارة السلاح العالمية. سياسي كبير للغاية عندنا وصف ذات مرة روسيا بانها ‘مافيا توجد لها قوة عظمى’. من حظنا أنه يوجد لنا افيغدور ليبرمان الوحيد الذي يعرف كيف يتحدث مع تلك الجماعة. فضلا عن كل هذا، فان خطوات بوتين ولافروف الاخيرة تبدو في العالم كمدرسة لاوباما، وهكذا ايضا تعزز جدا مكانة الرئيس في روسيا. لقد فهمت ايران ان الولايات المتحدة تهدد، ولكنها لا تنفذ. ايران فهمت ان روسيا لن تدع امريكا تفعل ما تريد. ايران قد تكون تقبل صيغة الاتفاق الجديد لنزع السلاح الكيميائي انطلاقا من معرفتها بانه لن ينجح. ويحلل شيك فيقول: ‘هذا خداع روسي ايران سوري من الصعب أن أرى فيه خداعا لان ادارة اوباما تتعاون مع الخدع′. 
في الوضع الناشئ يمكن لاسرائيل أن تأخذ بعض الهواء، قبل المواجهة مع ايران. ثمة من يسيرون باتجاه السلاح الكيميائي السوري، من دون أن تخرج طائراتنا من قواعدها. من جهة اخرى، اسرائيل توجد اليوم في وسط خطير، الجديد وغير المعروف الذي بين الولايات المتحدة وروسيا، أو بتعبير آخر، في وسط حقل الغام.