أوباما يلفّ قبضته الحديدية بقفاز حريري

بقلم: ايتان هابر

لولا أن ثمة محيطا يحجز بين البيت الابيض في واشنطن وديوان رئيس الوزراء في القدس، لأمكن في شبه يقين أن نسمع صيحات الفرح بالنصر التي تتعالى من الغرفة البيضوية في المدينة المقدسة ايضا. فلا شك أن الرئيس براك اوباما صاح هناك بصوت عال: "فعلناها"، ولو أنه كان أقل تواضعا لأمكن أن نفرض أنه صاح بصوت عال "فعلتها".

إن انتصار اوباما الى الآن هو على الورق فقط. لكن بحسب شروط الاتفاق بين روسيا والولايات المتحدة، يجب على سورية أن تعرض السلعة في بضعة أيام. ويبدو أننا سنعلم في الاسبوع القادم على التقريب حقيقة السلاح الكيميائي في سورية (ولن ينجح السوريون في خداع الروس والاميركيين ونحن والعالم جميعا).

ماذا نفعل؟ نحن اليهود، لم نعد نؤمن بأي شيء اعتمادا على تجربة دامية مُرة، ونتذكر القاعدة القديمة وهي "طوبى للإنسان الذي يخاف دائما". والاتفاق، وهذا صحيح الى الآن، هو انجاز لا يستهان به للرئيس اوباما الذي ضحك العالم كله منه، الاسبوع الماضي، وهو الآن يضحك من العالم كله، مؤقتاً على الأقل. وقد ألف اوباما بين التهديد العسكري والدبلوماسية الصارمة، ووفر الى الآن حياة جنود أميركيين غير قليلين. واقتصرت نفقاته على الكهرباء ومكبر الصوت، وقد قام بالعمل الأميركي على أكمل وجه، فلف قبضته الحديدية بغلاف حريري وبقي الآن فقط أن ينتظر ويرى.

إن تجربتنا مع السوريين منذ "حرب الاستقلال" كانت كالعلاقة بين الثعبان وفريسته، وبين القطط والفئران، واعذروني على المقارنة. ولم نكن نحن ايضا صدّيقين كبارا.

حاول السوريون أن يخدعوا دولة اسرائيل في أوقات متقاربة جدا، وأرادوا في جميع المواجهات العسكرية أن يكونوا هم الذين يقولون الكلمة الاخيرة. ويستطيع أصحاب التجربة العسكرية في الشمال أن يروا حكايات عن السوري الذي قطعوا يديه ورجليه وأراد مع ذلك أن يكون هو الذي يقول الكلمة الاخيرة حينما خسر في المعركة وفي الحرب. ولم يكونوا مهذبين ولطيفين قط، بالعكس.

لم يبق للأميركيين وللروس ولنا الآن سوى أن نتابع ما يجري وأن نرى هل يخرج "الشيء الكبير" – وهو التخلي السوري عن سنوات عمل في السر على انتاج سلاح كيميائي، من ورقة الاتفاق.

ولماذا هذا مهم لنا وللأميركيين ايضا كثيرا؟ لأن ايران من وراء الأفق تتطلع الى ما يجري داخل سورية. وفي طهران كما يمكن أن نُخمن يُجهد الخبراء المختلفون في هذه الساعات عقولهم بسؤال: وماذا سيفعل الأميركيون معنا؟ إن المعركة الدبلوماسية الاخيرة يمكن أن تكون ايضا مثالا صغيرا أول لعملية اوباما الموجهة ضد إيران، فالقبضة الحديدية يمكن أن تكون ملفوفة بقماش مخملي متعدد الألوان. لكن اذا كان الايرانيون راغبين في العيش وفي منشآت ذرية للحاجات السلمية فعليهم أن يقبلوا المثال السوري وإلا اضطر اوباما الى أن يفعل ما لا يريد أن يفعله بأية حال تقريبا وهو أن يوقع على الأمر الرئاسي الى جيش الولايات المتحدة ليحول المنشآت الذرية الايرانية الى أنقاض.

والى ذلك الحين فان الله كبير كما يقولون.

حرره: 
م . ع