تأجيل العملية العسكرية ضد سورية: نـتيـجـة طـيـبـة لإسـرائـيـل

بقلم: عوديد عيران*

هو يتردد، هو يتذبذب، هو يفر من النار. كل هذا صحيح، وعلى الرغم من ذلك فانه محق بل وله احتمال غير سيئ في أن ينجح.

عندما دخل البيت الابيض في المرة الاولى في بداية 2009 كان الاقتصاد الأميركي يشهد أزمة عميقة، زهي احدى أشد الازمات في تاريخها. وعندما دخل البيت الابيض كان الجنود الأميركيون يقتلون في العراق وفي افغانستان. وعندما دخل البيت الابيض كان هناك من بحثوا عن شهادة ميلاده الكينية او الاندونيسية، فقط كي يثبتوا بأنهم لن يقبلوه في رئاسة الولايات المتحدة.

منذئذ، خرج الجيش الأميركي من العراق، وفي القليلين جدا من الأميركيين تؤثر حقيقة أن العراق منقسم اليوم الى ثلاثة مناطق حكم ذاتي.

الاقتصاد الأميركي يخلق اكثر من مليوني مكان عمل في السنة.

في الشهر الماضي خلق الاقتصاد الأميركي ضعفين ونصفا اكثر من أماكن العمل مما كان في الشهر ذاته قبل سنة.

هذا ما يهم الأميركي بقدر ما هو مؤلم، ولكنه حتى لا يتوقف لينظر الى صور جثث الاطفال السوريين الذين اصطفوا صفوفا وليس عليهم أي قطرة دم واحدة، إذ انهم لم تطلق النار عليهم بل رشوا بالغاز.

ورجاء لا تنسوا: اوباما، الرئيس الذي يحب الكثيرون في أميركا كرهه، انتصر مرة اخرى في انتخابات الرئاسة في تشرين الثاني 2012 وهو سيجلس في البيت الابيض حتى كانون الثاني 2017.

لقد ارتكب الرئيس اوباما الاخطاء، بل ربما الكثير من الاخطاء.

فقد اخطأ في موقفه من رئيس الوزراء نتنياهو، أخطأ في معالجته لعلاقات بلاده مع مصر، واخطأ عندما قرر خطوطا حمرا في سورية وتجاهل المعلومات الاولية في أنه تم تجاوزها – واخطأ عندما توجه الى الكونغرس لأخذ اذنه في عملية عسكرية أميركية في سورية.

ولكن لأوباما حظ المنتصرين، ولهذا فلا ينبغ شطب امكانية أن تتطور الازمة السورية في الطريق التي يمكنه أن يسجلها في جانب ذخائر ميزانه كرئيس. فالتهديد باستخدام السلاح الأميركي حقق حتى الان عدة انجازات لا بأس بها للسياسة التي يتخذها أوباما.

الرئيس الأسد يمكنه أن يهدد الى أن يفقد صوته برد شديد، ولكن هو ايضا لا بد يفهم بانه اذا كان محبا للحياة في القصر الرئاسي، فمن الافضل له أن يمتص العملية الأميركية، ان يطلق عدة شعارات ممجوجة الى الهواء ويمتنع بإعطاء ذريعة للولايات المتحدة أو جيران سورية لإطلاق العنان لأنفسهم.

الانجاز الذي لا يقل أهمية للرئيس اوباما كان إجبار روسيا على عمل شيء ما لمنع الهجوم العسكري الأميركي. والاقتراح الروسي لإبعاد مخزونات الغاز عن تحكم النظام السوري لا يزال بعيدا عن التحقق.

وحتى بعد ذلك سيكون من الصعب فحص التزام النظام السوري بالتعهدات التي أخذها على عاتقه في موضوع الغاز، وما الذي ستكون عليه المعاني الأوسع للاتفاق على الصراع الداخلي في سورية.

إذا كان ممكناً تعطيل السلاح الكيميائي دون رصاصة واحدة، فلا ينبغي أن نرى في ذلك فشلا.

المقارنة بين استخدام السلاح الكيميائي على أيدي النظام السوري وبين البرنامج النووي الايراني هي مقارنة مصطنعة، ولكن حتى هكذا لا يوجد في طهران ما يدعوهم الى الاحتفال بان اوباما أظهر ترددا وامتناعا عن استخدام الجيش الأميركي.

فمحاولات التأجيل من جانب روسيا، محاولات التملص، التمويه واخفاء السلاح ستسهل فقط على الرئيس اوباما اصدار الامر وستزيد الشرعية الداخلية والدولية له. من جهة اخرى، فان استعداد روسيا للتعاون – دون تذاك وتملص – مع المبادرة الأميركية في تقييد سورية هو سابقة سهلة بالنسبة لزعماء ايران، الذين لا بد ينظرون بقلق اللا السابقة التي يحتمل أن تستخدم في المستقبل تجاههم ايضا.

صحيح أن عدم الهجوم على سورية هو انجاز لبوتين، ولكن هذا انتصار طفيف يتقزم امام الانطباع بأن روسيا اضطرت لان تفرض على النظام الذي يعيش تحت كنفها خضوعا ما للأسرة الدولية. لكل اولئك في اسرائيل ممن يسعون الى أن يروا معالجة أميركية نشطة وحازمة للبرنامج النووي الايراني، فان الموقف الأميركي من السلاح الكيميائي السوري طفيف جداً وربما مقلق. ولكن إذا كان تأجيل العملية العسكرية سيخلق تعاونا أميركيا – اوروبيا – روسيا في المفاوضات مع ايران ايضا، فان هذا التأجيل هو نتيجة طيبة لإسرائيل.

حرره: 
م . ع