الخـنــاق يضـيـق علــى عــنــق "حمــاس"..

بقلم: أساف جبور

حملة تصفية الإرهاب، التي شرع بها الجيش المصري في سيناء، لا تقترب من نهايتها، حيث إن نشطاء الجهاد لا يعتزمون الاستسلام بهذه السرعة. سيارتان مفخختان تفجرتا ليلة الخميس الماضي في رفح وأسفرنا عن موت 11 جنديا ومدنيا مصرياً وعشرات الجرحى، ووقع انفجار آخر جراء عبوة ناسفة زرعها نشطاء الجهاد. وقد استهدفت التفجيرات مبنى المخابرات المصرية في المكان. وبالتوازي، يحاول قادة "حماس" في قطاع غزة التقرب من الحكم الجديد في مصر، الذي يعمل في الفترة الأخيرة على إضعاف بل وتغيير حكم الحركة الإسلامية في القطاع.

في بيان نشره الجيش المصري جاء أن جنوده نجحوا في اعتقال ثلاثة مشتبهين بالمسؤولة عن العمليات، وأشار الى جهات من قطاع غزة بصفتها مسؤولة عن تنفيذ الأعمال الإرهابية. منظمة "أنصار بيت المقدس"، التي يعمل أعضاؤها في القطاع وفي شمال سيناء، تبنوا العمليات. وروت محافل محلية في شمالي سيناء لوكالة "معا" الفلسطينية عن حالة تأهب متزايدة في شمال سيناء وعن حركة استثنائية لقوات الجيش الاسرائيلي قرب الحدود المصرية. أما الجيش المصري من جهته فبلغ عن أن طائرات اف 16 اسرائيلية حامت في المكان على مقربة من الحدود، بين قطاع غزة وسيناء.

وبسبب العمليات والوضع الأمني الحساس أغلق الجيش المصري معبر رفح أمام الحركة. وبالتوازي بلغت محافل في مصر عن محاولات من منظمة "حماس" في القطاع جس نبض النظام المصري لتسهيل الحركة في المعابر. وأمر وزير الأوقاف في حكومة "حماس"، اسماعيل رضوان، الخطباء في المساجد بالامتناع عن انتقاد النظام الجديد في مصر في خطبهم، وذلك لتخفيف التوتر بين غزة والقاهرة. بل إن الوزير طلب من الخطباء التركيز على المواضيع الوطنية الفلسطينية كالكفاح في سبيل تحرير فلسطين.

لهذا الغرض التقى رضوان، على حد قوله، بعشرات الأئمة وطلب منهم التوقف عن الهجوم الشخصي على عبد الفتاح السيسي، وزير الدفاع المصري، الذي شن حربا ضد أنفاق التهريب وضد "الإرهاب" في سيناء. وأمرت أجهزة أمن "حماس" في غزة رجال الحركة بوقف مظاهرات التأييد لحركة الإخوان المسلمين، والتي تتميز برفع يافطة الأصابع الأربع التي تعبر عن التضامن مع الأحداث التي وقعت في ساحة رابعة العدوية، حيث ارتكبت- كما يزعم "الإخوان المسلمون- مذبحة ضد معارضي النظام المصري. وفي مقابلة مع التلفاز المصري وصف موسى أبو مرزوق، مسؤول "حماس" الكبير، مظاهرات التأييد في قطاع غزة لـ "الإخوان المسلمين" والرئيس المعزول محمد مرسي "بالخطأ"، وأثنى على عمل الجيش المصري في منع الإرهاب.

لقد أدت أعمال الإرهاب المتكررة في شبه جزيرة سيناء الى قرار مصري بإقامة حزام امني على طول الحدود بين قطاع غزة وسيناء. وعلى نحو يشبه "محور فيلادلفيا"، الذي هجره الجيش الاسرائيلي في العام 2005 في اطار خطة فك الارتباط، يأتي الحزام الأمني المصري بهدف تدمير الأنفاق بين الطرفين تماماً وإنهاء صناعة التهريب من القطاع الى سيناء وبالعكس. وأفادت مصادر محلية عن وجود نشاط لكشف أراض وتفجير منازل تخرج منها أنفاق التهريب. وتناول الناطق بلسان "حماس" في غزة، سامي ابو زهري، نشاط الجيش المصري لهدم الأنفاق وقال إن "أعمال التهريب توقفت تماما تقريبا بفضل الأعمال المباركة للجيش المصري".

وتغطي محاولات إرضاء النظام في القاهرة الواقع الصعب الذي تقف أمامه المنظمة الفلسطينية الإسلامية. فقد أضر هدم الأنفاق بشدة بالاقتصاد الغزي، وكذا بالأرباح التي كان يحققها رجال "حماس" جراء الأعمال تحت الأرض. ومن الجهة الأخرى، يحاول الجيش المصري أن يخلق لنفسه صورة "منقذ" للأمة المصرية من براثن "الإخوان المسلمين" وحركة حماس، وشرح في حملة نزع شرعية استثنائية ضد "حماس" ورجالها.

وهكذا مثلاً، اتهمت النيابة العامة المصرية منظمة "حماس" بأنها هي التي بعثت بالنشطاء لتحرير الرئيس مرسي وكبار رجالات حركة الإخوان المسلمين من السجون المصرية، كما بعثت بقوات لمساعدة "الإخوان" في الاضطرابات في أرجاء مصر لضرب الجنود والنظام الجديد، وقتل رجال قوات الأمن بتصعيد الإرهاب الجاري في شبه الجزيرة. واتهم الجيش المصري المنظمة الغزية بانها هي التي بعثت بنشطاء الإرهاب الى شبه جزيرة سيناء لتدريب نشطاء الجهاد الذين يقاتلون ضد الجيش المصري.

وقد أدت التشهيرات المصرية- كما يتبين- الى المس أيضا بسيطرة "حماس" الداخلية، حيث إن الحركات السلفية، بما فيها "أنصار بيت المقدس"، تتحدى – لأول مرة منذ سيطرة "حماس" على غزة في العام 2007 - حكم "حماس". كما أن حركة التمرد التي قادت الثورة في مصر وطالبت بإلغاء اتفاق السلام مع اسرائيل انضمت الى "الهجمة" على "حماس"، وفتحت فرعاً لها في غزة. وجاء في إحدى التغريدات على الفيسبوك لفرع تمرد في غزة أن "حماس والإخوان المسلمين عملاء لإسرائيل".

وكتب نشيط آخر في الحركة تحت وثيقة رسمية عن "حماس" رفعت في الموقع انه "في الوقت الذي يثور فيه العالم العربي، هناك من يحرص على حدود هادئة مع إسرائيل".

وفي الوثيقة التي يوقع عليها كبار رجالات "حماس"، يوجد أمر لكل الفصائل الفلسطينية بوقف إطلاق الصواريخ على اسرائيل. وكتب هناك أن "من يحاول إطلاق النار، سيسلم الى أجهزة الأمن الداخلي". وفي صفحة فيسبوك التابعة للمجموعة عرض أعضاء "تمرد" أبناء نشطاء كتائب شهداء الأقصى في صور وهم يحملون السلاح ويافطات تدعو الى إنهاء حكم "حماس" في قطاع غزة.