الاتفاق لا يحل الازمة او يضع حدا للقتال

بقلم: تسفي برئيل

وُلدت نتيجة ايجابية مهمة واحدة من الاتفاق على القضاء على السلاح الكيميائي الذي يملكه الاسد وهي الود الذي نشأ بين وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف ونظيره الامريكي جون كيري.

فربما تُسخن ساعات النقاش الطويلة في ايام المحادثات الثلاثة، والاتفاق الذي أُحرز كذلك، البرد الشديد بين موسكو وواشنطن، وتُنشئ حوارا جديدا بين الدولتين. ومن المهم بصورة خاصة السلم الذي منحه الاتفاق للولايات المتحدة لتنزل عن شجرة الهجوم العالية التي تسلقها اوباما، رغم أنه ما زال يزعم أن الخيار العسكري ما زال على الطاولة. وقد يكون الخيار باقيا لكن الاتفاق نقض ما على الطاولة.
في كل ما يتعلق بسورية يقضي الاتفاق بعدد من السوابق المهمة لكنه لا يستطيع أن يحل الازمة داخل سورية أو يضع حدا للقتال. لأول مرة منذ بدأ العصيان في الدولة تُملي روسيا على بشار الاسد شروطا لينفذها، تشتمل على جدول زمني ولا تكتفي بتوصيات أو رسم سياسة مُرادة.
وبخلاف مرات سابقة بيّنت فيها روسيا أنها لا تستطيع أن تلوي يد الاسد، اختفى باب الهرب هذه المرة، فروسيا مستعدة بالاعلان على الأقل ولأول مرة لأن تلوي نفسها هي ايضا لتلائم قرار مجلس الامن اذا تبين أن الاسد لا ينفذ الاتفاق.
ومع ذلك فان المواد الست التي تؤلف اطار الاتفاق تترك للاسد مجالا واسعا اذا أراد أن يتهرب من تنفيذه. يجب عليه في الحقيقة أن يُقدم في غضون اسبوع قائمة مفصلة تشتمل على مواقع خزن السلاح الكيميائي والكميات الموجودة فيها (والتقدير هو أنه يوجد 45 موقعا كهذا على الأقل، أكثرها معروف في الغربوروسيا)، لكن لا تفسير يُبين لماذا ينبغي الانتظار حتى شهر تشرين الثاني/نوفمبر لارسال أول وفد من المراقبين. وكان من المناسب أن تبدأ الرقابة فورا، اذا كان يُخشى من أن تنتقل هذه المواد الى دول مجاورة أو أن تُخفى في مواقع غير معروفة.
ولا يوجد اتفاق الى الآن كذلك بين الخبراء على الطريقة الأفضل للقضاء على السلاح الكيميائي، في داخل سورية أو في دولة اخرى. إن الاسد يلزمه بحسب الاتفاق أن يُقدم الأمن التام للمراقبين ولفرق القضاء على السلاح التي ستؤلَف من اعضاء المنظمة الدولية للرقابة على السلاح الكيميائي، لكن الحرب التي تدور رحاها في سورية قد تمنع قضاءً منهجيا ناجعا على السلاح أو تضر بالمراقبين.
رفضت المعارضة العسكرية في سورية وقائدها سليم ادريس الاتفاق، وهم يرونه هدية للاسد وفرصة ليمدد رجليه. واذا أردنا الحكم بحسب ردهم فسيوجد بيقين من يريدون المس بتنفيذ الاتفاق لاثبات أن الاسد لا يفي بكلمته. وتخشى منظمات المعارضة من أن يمنح الاتفاق الاسد فرصة ‘ليبرهن’ على أنه يمكن الاعتماد عليه وعلى أنه البديل الجدي الوحيد لادارة شؤون سورية.
خُطط لانهاء القضاء على السلاح الكيميائي كله بحسب الاتفاق في منتصف 2014، أو بعد سنة على الأقل من يوم التوقيع عليه، بتقدير واقعي. فماذا سيحدث اذا نجحت قوات المتمردين أو عصابات مسلحة محلية خلال هذه الفترة في السيطرة على عدد من المخازن. لا يوجد في الاتفاق أي ذكر لهذه الامكانية.
إن العقوبات الوحيدة التي يذكرها الاتفاق تتناول حالة ألا يفي الاسد بالاتفاق بصورته الحرفية، وهي تلك التي يوافق مجلس الامن على فرضها على سورية في اطار المادة السابعة من ميثاق الامم المتحدة، التي تُبيح استعمال القوة أو فرض عقوبات، لكن ليس من المؤكد البتة أن يجوز هذا القرار، لأن روسيا قد لا توافق على التفسير الامريكي الذي يرى أنه تم نكث للاتفاق. وحتى لو امتنعت عن استعمال النقض فاننا لم نسمع بعد صوت الصين الى الآن وهي التي تملك حق النقض ايضا.
رغم الشك في فائدة هذه الاتفاق فانه مهم في حد ذاته لأنه يُظهر على الأقل جُهدا لابعاد السلاح الكيميائي عن دولة عاصية مستعدة ايضا للتوقيع على ميثاق منع انتشار السلاح الكيميائي. ومع ذلك فانه سيحد وسيلغي في أحسن الحالات قدرة النظام السوري على استعمال نوع واحد فقط من السلاح الذي لم يستعمله كثيرا أصلا اثناء الحرب. وهو لا يضع مخططا لانهاء الحرب أو استبدال النظام أو حتى هدنة مؤقتة. وما زالت القوتان الكبريان مختلفتين في هذه المسألة ونشك في أن يُغير عقد مؤتمر قمة آخر في جنيف موقفهما.

حرره: 
ع.ن