الإصرار الفلسطيني على حق العودة عائق كبير أمام التسوية

بقلم: الكسندر يعقوبسون
 
في لقاء صحافي مع صحيفة "معاريف" في نهاية آب سُئل أحمد قريع (أبو العلاء) وهو من كبار مسؤولي "فتح" والسلطة الفلسطينية هل يرى "واقعاً يعود فيه لاجئون فلسطينيون الى تل أبيب". وكان جوابه: "نريد التوصل الى وضع يكون فيه للاجئ الاختيار. وأن نسأل كل واحد منهم: هل تريد البقاء في المكان الذي تسكنه اليوم؟ أم تريد العودة الى أراضي السلطة الفلسطينية؟ أم تريد العودة إلى إسرائيل؟".
يحسن الانتباه الى هذا الكلام الذي يُسمع بين فينة واخرى على ألسنة مسؤولين فلسطينيين كبار. إن المبدأ المعروض هنا معناه العملي هو هجرة جماعية تدوم وقتا طويلا لأبناء اللاجئين الى إسرائيل – لأسباب شخصية وقومية بسبب وضع اللاجئين في الدول العربية والوضع العام هناك، وبسبب الفرق الاقتصادي العظيم بين اسرائيل وجاراتها. ويعني هذا الطلب الفلسطيني عكس إنهاء الصراع وعكس دولتين للشعبين.
توجد طريقة واحدة لنفحص هل القيادة الفلسطينية آخر الأمر مستعدة للتخلي عن هذا الطلب أم لا. وينبغي أن نذكر أن ليس السؤال ما الذي تعتقده هذه القيادة في سريرتها في شأن الحدود الممكنة بل هل هي قادرة على التوقيع على اتفاق سلام دون "حق العودة المقدس"، الذي أقسمت أن تحافظ عليه أمام أبناء شعبها. والطريقة الوحيدة لفحص ذلك هي اقتراح صفقة رزمة وهي دولة فلسطينية في حدود تقوم على خطوط 1967 مع تبادل أراض متفق عليه بحسب صيغة براك اوباما التي قبلها الفلسطينيون، وحق عودة فلسطيني الى الدولة الفلسطينية لا إلى اسرائيل – بهدي من "معايير بيل كلينتون" التي رفض ياسر عرفات أن يقبلها في حينه. لن تعرض حكومة اسرائيل الحالية هذا، ومن المناسب أن تفعل الولايات المتحدة ذلك، وأن تُعرض الطرفين لامتحان حقيقي.
وفي هذه الأثناء يحسن بكل من يؤيد حق الشعبين في الاستقلال أن ينظر في هذا الشأن بجدية وألا يفترض أن القضية الوحيدة التي تحول بيننا وبين السلام هي الاحتلال الاسرائيلي في 1967.
تُبين التصريحات الفلسطينية طول السنين أنهم يريدون أن يحرزوا بالتفاوض أربعة إنجازات للاجئين. يُطلب أولا قول اسرائيلي في اتفاق السلام إن اسرائيل تتحمل كامل المسؤولية عن نشوء مشكلة اللاجئين لا مشاركة في المسؤولية بل كامل المسؤولية. ولا يوجد استعداد فلسطيني لتحمل مسؤولية ما عن أفعالهم في 1948 – 1949 ولا استعداد لترك الماضي والاشتغال بالمستقبل فقط.
ويُطلب الى اسرائيل ثانيا أن تقبل مبدأ حق العودة – بحسب اختيار اللاجئين وذرياتهم. ويُطلب الى اسرائيل ثالثا أن تستوعب أكبر عدد ممكن – لا عددا رمزيا – من اللاجئين. ومن المعلوم للفلسطينيين في هذا الشأن أنه سيجب عليهم أن يُهادنوا ولهذا يبدو أن تعريضاتهم تتجه الى الاستعداد للمصالحة. لكن هدف الفلسطينيين الرابع هو أن كل عدد يُتفق عليه لن يكون نهائيا، فبعد أن يكمل النصاب الأول في غضون بضع سنين يستطيعون أن يطلبوا نصابا آخر للسنين التالية بحسب المبدأ العام، مبدأ "حق الاختيار"، الذي سيُثبت بالاتفاق. وسيمكن بذلك أن يُزعم أن القيادة الفلسطينية لم تصالح على حق العودة المقدس بل وافقت فقط على تحقيقه التدريجي.
اعتيد أن يُقال إنه يوجد فيل في غرفة التفاوض يتجاهله كثيرون وهو الاحتلال الاسرائيلي في 1967، والحقيقة أنه يوجد في الغرفة فيلان أحدهما هو الفيل الذي يدعو معارضو الاحتلال وبحق الى عدم تجاهله. والفيل الثاني هو الذي يتجاهلونه هم أنفسهم في اوقات متقاربة جدا.
حرره: 
م . ع