هناك تشابه بين نتنياهو واوباما

بقلم: سافي رخلفسكي

إن عزوف باراك اوباما عن مهاجمة سورية معروف لنا نحن الاسرائيليين من الداخل، فقد بدا اوباما في كلامه مثل بنيامين نتنياهو في بار ايلان وسائر خطبه التي تحدثت عن الدولتين، فمه مليء بالحصى. وكانت الكلمات تقول شيئا واحدا، وكان الجسم والعينان والنغمة تشير الى أن القلب موجود في مكان آخر. ليس ذلك صدفة، فقد ثبت هنا زعم أنه يوجد بين نتنياهو واوباما تشابه.

لم يتعدَ نتنياهو قط عالم أبيه بن تسيون، الذي كان يقول إن أجمل أدب في العالم هو أدب يهوشع هيشل يفين في كتاب ‘حلف الأوغاد’، وكتب التحريض التي سبقت قتل أورلوزوروف. وإن اوباما بحسب مفاهيم امريكية قديمة هو رجل الليبرالية الراديكالية، الذي يتمسك بتصورات معادية للاستعمار حقيقة. وهذا الوضع يوجب استعمال لغة مزدوجة احيانا ولزوم استراتيجية ‘القيادة من الخلف’ في حنكة كبيرة لتحافظ على المركز معك.

جاء نتنياهو واوباما الى الحكم على أثر عنف مفرط. وفي الحالين غيرت الظروف التي سبقت وانتخابهما بسببها سياستهما تغييرا عميقا. وفي الحالين كان ذلك ردا عاما مضادا، إنه رد مضاد يصعب على كثيرين الاعتراف به.

انتُخب نتنياهو على أثر قتل رابين، وبعد أن كان يشرف هو نفسه على مظاهرات التحريض، فالحديث عن رد عام غير عادي. فالوضع في الديمقراطيات على نحو عام هو أن الطرف الذي يُقتل زعيمه يغلب ويُهزم الطرف المحرض. في الولايات المتحدة فاز لندون جونسون، الذي لم يكن ذا حضور قوي بفرق كبير ردا على قتل كنيدي؛ وحدث رد مشابه في الهند على أثر قتل المهاتما غاندي، وفي مناطق الاستيطان اليهودي بعد قتل أورلوزوروف، لكن لم يحدث ذلك في حال نتنياهو.

وجاء اوباما الى الحكم ردا متأخرا عكسيا على عمليات اسامة بن لادن. كان الرد الاول في الحقيقة ارسال رئيس مكلف الى الحرب، لكن الرد السياسي المتأخر أحدث انقلابا، فقد أراد أكثر الجمهور الامريكي والغربي هدوءً وحياة طبيعية وابتعادا عن الشرق الاوسط الغاضب. وأراد مغادرة ومصالحة وعدم تدخل، وكأنه تم الوفاء من جهة سياسية بالرغبات التي كانت موجودة في أساس ارهاب بن لادن وقتل رابين.

إن نتنياهو واوباما على عكس كثير من المصوتين لهما، ليسا انتهازيين، فهما ايديولوجيان يلتزمان بانشاء دولتين مختلفتين تماما عما انشأت النخب السابقة التي يبغضانها. وهي بالنسبة لنتنياهو نخبة اعلان الاستقلال التي كانت من وجهة نظره اشتراكية متطرفة ومضطهدة للمعسكر القومي؛ ومن المعلوم من وجهة نظر اوباما أن العنصرية الموجهة للسود واستعمار النخب الواسعة أمر بغيض. وليس عجبا أن ينظر الى دور الاصلاحيين في ايران، فمن اشمئزازه من انقلاب الـ ‘سي.آي.ايه’ هناك في 1953 اشتُق عدم تدخله في ‘شؤونها الداخلية’.

معلوم أن انتقاد نظام نتنياهو لعدم اخلاقية سياسة اوباما سخيف. ولم تعلن اسرائيل أنها ستهتم بمصالحها فقط ولن تتدخل في سورية، فهذا ما كان في موقف شارون من مجزرة صبرا وشاتيلا، حينما قــال إن العرب قتلوا العرب فماذا يريدون منا.

وهذا ما كان في تأييد اسوأ نظم الحكم: في اريتريا وحكم الجنرالات في الارجنتين، رغم أن كثيرا ممن قتلهم كانوا يهودا يساريين، ونظام الفصل العنصري في جنوب افريقيا، ورفض تجنيس أي لاجئ اليوم. إن اسرائيل نتنياهو التي أتمت الانقلاب على عالم اعلان الاستقلال هي آخر دولة تستطيع الاحتجاج على سياسة واقعية غير اخلاقية.

وصف ديفيد بن غوريون استقرار رأي الحكومة على عدم احتلال الضفة في أواخر 1948 بأنه ‘بكاء سيدوم لأجيال’، لكنه اهتم في واقع الامر بأن يتم اتخاذ قرار يُضاد موقفه المعلن ويكون على حسب رأيه الحقيقي. فهل سيتصرف اوباما على هذا النحو؟ سنرى.

يُمثل نتنياهو واوباما شيئا واحدا بوضوح، وهو أهمية الزعيم. فهما يُبرزان معنى عدم وجود زعيم منذ حدث قتل رابين في معسكر اعلان الاستقلال.

حرره: 
م . ع