معركة في وضح النهار

بقلم: حيمي شليف

‘إن شيئا ما عجيبا يحدث للعملية العسكرية الامريكية المتوقعة على سورية، التي سارع محللون كثيرون في اسرائيل الى تأبينها: فكلما اقترب موعد التصويت في مجلس النواب، مطلع الاسبوع القادم، أخذت العملية تتسع وتقوى وتحشد الزخم والدعم ايضا (وهذا صحيح الى اول من أمس الثلاثاء).

‘إن الرئيس ووزراءه ينقضون على تل الكابيتول ويطلقون النار من المدافع كلها، ويضغطون على كل من في الملعب، وقد أحرزوا أمس نتائج أولى مشجعة لهم. ‘أيها الاسد إحذر فماكين وباينر مستعدان’، هذا ما كان سيعلنه اوباما مع زئير لو أنه أراد أن يستعيد تصريح مناحيم بيغن الشهير في 1981 عن يانوش ورفول اللذين ينتظران والد بشار بعد أن تجاوز خطوط اسرائيل الحمراء في جنوب لبنان.

لكن رغم المساندة التي منحها رؤساء المؤسسة الجمهورية لاوباما ومنهم خصمه السابق جون ماكين ورئيس مجلس النواب جون باينر وزعيم الكتلة الحزبية اريك كانتور فان المعركة بعيدة عن الحسم فما زال عن يمين باينر عشرات من رجال مجلس النواب الجمهوريين، هم إما تمايزيون وإما كارهون كبار لاوباما أو الأمران معا. وعن يساره الزعيمة الديمقراطية نانسي بلوسي التي ثبتت أمس دعمها للرئيس بقَسَم يشبه ذاك المتعلق بالمحرقة ‘لن يكون ذلك أبدا’ ما زال يوجد عشرات المشرعين الديمقراطيين، ممن يقلب التصويت المؤيد لاستعمال القوة العسكرية أحشاءهم ويخالف ضميرهم.

‘وتقوم في الوسط وسائل الاعلام الامريكية، التي لا يمنع عدم اقتناعها بضرورة العملية استسلامها الشامل للرواية السياسية المتوترة الناشئة مؤملة أن يفضي ذلك الى دراما ونسب مشاهدة عالية. وإن تغطية هذا المشهد التي شملت أمس نقلا حيا لعرضي الوزيرين كيري وهيغل الدراميين، مع رئيس هيئة الاركان دامبسي، أمام لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ تُقرب القضية السورية من الطرف الآخر من جبال الظلام الى شاشات التلفاز والحواسيب والهواتف المحمولة للامريكيين المتشككين، ممن سيتغير توجههم بلا شك الى هنا أو الى هناك.

ستجري هذه الدراما منذ الساعات القريبة فوق شاشة مقسومة مع خروج اوباما الذي خُطط له مسبقا الى السويد، حيث سيشارك في جملة ما سيشارك فيه في مراسم لذكرى رؤول فولنبرغ في الكنيس الكبير في ستوكهولم وفي لقاءاته المشحونة، وإن لم تكن المباشرة مع خصمه الروسي اللدود فلاديمير بوتين في قمة الدول الصناعية العشرين في سانت بطرسبورغ.

‘اذا أخذنا في الحسبان المشاحنات التي كانت بينهما في الماضي والاختلاف الشديد بينهما في الرأي، في ما يتعلق بسورية في الحاضر، فان المواجهة بين الاثنين في قصر قسطنطين الذي كان ذات مرة منزل القيصر بطرس الأكبر، بطل بوتين قد تكون مصيرية للحفاظ على تأثير اوباما في مجلس النواب ولتحصين صورته لدى الرأي العام.

‘أصبح العنوان مُعدا للمقالة التحليلية التي ستصاحب المعركة بين الزعيمين في مركز البلدة، واحد مقابل واحد ورجل مقابل رجل، وهي مأخوذة من فيلم هوليوودي عن الغرب المتوحش كان يعتبر ذات مرة من أفضل الأفلام. ومن المعتاد اعتقاد أن الفيلم هو استعارة لقوائم السيناتور مكارثي السوداء، لكن هناك من يرونه مثلاً لامريكا التي تقف وحدها في مواجهة الشر العالمي، في حين يهرب الجميع حولها من المعركة.

إن الفيلم هو في وضح النهار بالطبع، ومن المؤكد أن باراك اوباما بحيلة دعائية من البيت الابيض سيلعب دور البطل، غاري كوبر اذا عاد فقط الى البيت في سلام.

هآرتس