هل هو الموت السياسي للعصر الأميركي؟

بقلم: البروفيسور ابراهام بن تسفي

انقشع الآن ضباب المعركة، وأصبح يقوى عندنا انطباع أن رئيس الولايات المتحدة براك اوباما بحث بواسطة مجلس النواب عن طوق النجاة المأمول ليساعده على النزول عن الشجرة العالية التي تسلقها قبل سنة حينما خط الخطوط الحمراء في المجال السوري. وقد شهدت الصورة البعيدة وغير المكترثة والمتعبة والمنطفئة التي ظهرت في العروض الرئاسية التي سبقت الاعلان عن تأجيل العملية، مثل ألف شاهد على أن الرئيس يواجه تنافرا شديدا.

فهناك من جهة حقيقة أن رئيس سورية بشار الاسد قد تجاوز وعلى نحو سافر الحدود بين المُحرم والمُحلل، والتي خطها اوباما بوضوح كبير جدا وهي تلزمه بأن يعمل، لكن لغة جسمه من جهة ثانية أوحت مرة بعد اخرى بنفور واضح من الاجراء المطلوب الذي يُناقض طموحه الى الانطواء في داخل المجال الأميركي والامتناع عن مغامرات عسكرية أياً كانت وراء البحار حتى لو كانت ضئيلة غير قوية.

ومن هذه الجهة كان القاء المسؤولية على مجلس النواب يشبه حلا صعبا للمشكلة، وينبغي ألا نرفض رفضا باتا تقدير أن الرئيس الرابع والاربعين مستعد الآن لتحمل هزيمة اخرى في تل الكابيتول بشرط ألا يضطر الى أن يخطو في مسار العملية العسكرية (غير المدعومة بغلاف داعم متعدد الأطراف كما كانت الحال في ليبيا)، التي تعارض كثيرا حقيقة كيان الفائز بجائزة نوبل للسلام وطبيعته.

لا شك في أن نقل الكرة الى مجلس النواب كان خطوة اضطرارية ومتكلفة وغير ضرورية بصورة سافرة. فحتى لو كان يُفضَل دائما صوغ تأييد حزبي عام واسع لكل اجراء عسكري مهما يكن محدودا فالحديث في الظروف الحالية عن تخلٍ طوعي عن السلطة التي يفترض أن تبقى من نصيب البيت الابيض وحده.

برغم أن الدستور الأميركي يُفوض الى مجلس النواب سلطة أن يعلن بصورة رسمية بدء حرب، فان الحالة الحالية لعملية عقاب محدودة مركزة لا تدخل ألبتة في دائرة هذا التصنيف. لأنه في كل ما يتعلق باستعمال القوة العسكرية واجراءات التدخل التي هي أقل في سعتها من مواجهة عسكرية شاملة، تُترك لرئيس الولايات المتحدة وحده الصلاحية، مدة لا تقل عن شهرين (بحسب "قانون صلاحيات الحرب" من سنة 1973). وبعد مرور هذه الفترة فقط يجب عليه أن يطلب موافقة مجلس النواب على تغيير وضع المواجهة وتوسيعها والاستمرار في العملية العسكرية.