مبارك بتسع أرواح !

بقلم: بنيامين بن اليعازر

إنها لمهزلة. حسني مبارك أطيح به من الحكم بعد أن اتهمه أبناء شعبه بالطغيان العسكري، وبعد نحو سنة فقط فهم المصريون بانهم تلقوا بدلاً من مبارك شيئاً ما أسوأ بكثير – الطغيان الإسلامي الذي أجبر الجيش على القتال ضده. من المشوق ان نشهد كيف يعمل القدر. فحسب التقارير برأت المحكمة المصرية، أول من أمس، ساحة مبارك ، بل ثمة تقارير عن أنه سيفرج عنه إلى بيته. يهزأ القدر بذات الانسان والزعيم الذي على مدى ثلاثين سنة أمسك بالشرق الاوسط ومصر كالصخرة المستقرة. فقد أيد مبارك المسيرة السلمية تأييدا هائلا. وكان أحد عناصر الاستقرار في المنطقة. وفي النهاية أطيح به عن كرسيه، ونقل مكللاً بالعار إلى قاعة المحكمة، وهو مستلقٍ على حمالة.
بودي ان اؤكد انه خلافا لما يميل بعض الناس الى التفكير به فان مبارك لم يكن مؤيدا لإسرائيل. لقد كان أولاً وقبل كل شيء وطنياً قومياً مصرياً فخوراً. حرص على مصلحة ابناء شعبه وبلاده، واعتقد بأن السلام مع إسرائيل جيد لمصر. مبارك، استنادا الى معرفتي به، قدّر إسرائيل جدا. قدّر قوتها وأهميتها كجهة استقرار في الشرق الاوسط، ولكن كل شيء كان من زاوية نظر المصالح المصرية.
اعتقد بأن الشرق الاوسط مدين له بدين كبير على مدار ثلاثين سنة من الاستقرار. فضلاً عن ذلك فإن الغرب أيضا مدين له بهذا الدين. وإذا ما بُرّئت ساحته بالفعل وافرج عنه في الايام القريبة القادمة، فليس عندي ما اقوله الا ان لهذا الرجل تسع أرواح. فبعد أن اطاحوا به، وجروه مكللاً بالعار الى المحكمة، صلبوه وأبّنوه، يعود الرجل الى بيته.
ثمة من يدعي بان الجنرال السيسي أطاح برئيس انتخب في انتخابات ديمقراطية. لكل من يدعي ذلك بودي أن اقول له ان الديمقراطية في مصر لم تؤدِ الى صعود "الاخوان المسلمين" بل الى صعود "الاخوان المسلمين المتطرفين". برأيي لو لم يتخذ الجنرال السيسي خطوات كاسحة في غضون وقت قصير لأصبح النظام المصري نظاماً يشابه النظام في إيران، وعلى حدودنا الجنوبية كنا سنرى حراس ثورة بصيغة مصرية.
قلت في حينه ان المصريين لا بد سيشتاقون إلى مبارك. أنا لا اقول انه بريء من كل خطأ. ولكن محيطه منعه من أن يفهم على نحو سليم ما حصل في باب الشعب، وهذا ربما ما جلب ثورة الشباب. ولكن رغم ذلك أسمع اليوم بوضوح اصواتاً في مصر تتحدث عن الشوق الى مبارك. وعن هذا نقول إنه دهاء التاريخ.

حرره: 
م . ع