"مسكنات" إسرائيلية للأميركيين تجاه ما يحدث في مصر

بقلم: اليكس فيشمان

إسرائيل في حالة طوارئ دبلوماسية. فهي تُدير في اليومين الأخيرين نضالاً دبلوماسياً يائساً تقريباً في مواجهة واشنطن دون وزير خارجية ومع وزارة خارجية ضعيفة وذليلة.

يبذل مسؤولون إسرائيليون كبار من رئيس الوزراء فمن دونه الآن جهودا متتالية مع البيت الابيض ووزارة الخارجية الأميركية ووزارة الدفاع الأميركية ومع مجلس النواب في الأساس في محاولة لتسكين الهجوم الأميركي على حكم الجنرالات في مصر. والصحيح الى الآن أنها تبدو معركة خاسرة.

ما زالت الإدارة الأميركية تخطئ أخطاءً تاريخية تجاه القاهرة: فمجلس النواب يهدد بتعليق المساعدة الاقتصادية لمصر، والإدارة تعلق التعاون الأمني، فالتأليف بينهما سيفضي بالمصريين الى الانفجار عليها.

إن العداء للولايات المتحدة مشترك بين المعسكرين الخصمين في مصر؛ بين حركة "تمرد" التي تؤيد الجيش وبين "الإخوان المسلمين". ويريد الطرفان أن يُضرا بكل ما يرمز لأميركا ويشمل هذا إسرائيل أيضا. إن منظومة العلاقات بين مصر والولايات المتحدة، التي كانت درع اتفاق السلام مع إسرائيل، أصبحت عبئا ثقيلا. وتهدد حركة "تمرد" بأن تأتي بعشرين مليون توقيع اعتراضا على المساعدة الأميركية لمصر وتأييدا لإلغاء معاهدة السلام. ومن كان يستخف بقدرتهم فليتذكر الـ 17 مليون توقيع التي جمعوها ضد مرسي.

وفي هذه الاثناء وعلى الارض تبلغ مصر "نقطة درعا" الخاصة بها. ودرعا هي مدينة في جنوب سورية، بدأت فيها الحرب الاهلية السورية قبل سنتين. ولو كان النظام السوري عالج الانتفاضة التي نشأت آنذاك في تلك المدينة المهملة علاجا صحيحا فلربما كان الوضع اليوم هناك مختلفا. إن مصر موجودة الآن في هذه النقطة، وربما تكون قد تجاوزتها أيضا. لا يتحدث أحد الآن عن حرب أهلية في مصر. وإنجازات الجيش المصري بازاء "الاخوان المسلمين" تكتيكية، فلا يوجد حسم والطرفان يتحصنان في مواقعهما.

إن التنبؤ في إسرائيل هو بأن مصر تدخل الى مواجهة داخلية طويلة بقوة منخفضة (اخلال بالنظام وارهاب) تنذر باستمرار عدم الاستقرار في الدولة، وعدم القدرة على ادارة دولة بصورة منظمة، وباستمرار وقف الاستثمارات من الخارج وباستمرار شلل فرع السياحة. وستكون النتيجة حالة اقتصادية متدنية ستظل تتدهور وستظل متعلقة بعمق جيوب السعوديين ودول الخليج. إن إطعام 85 مليون فم من التبرعات وقتا طويلا ليس حلا يشفي الاقتصاد المصري ويُثبت أقدام النظام الحالي.

إن للنظام العسكري في مصر إسهاما في تدهور الوضع لأن الصور التي تصدر عن القاهرة لمئات الجثث، ولأكثر من اربعين كنيسة محروقة ولجيش مصري مصمم على الاستمرار واستعمال القبضة الحديدية بلا هوادة، تنقل الى العالم رسالة فظيعة. لكن هذا لا يُعد شيئا اذا قيس بالضرر الذي تُحدثه الادارة الأميركية، التي لم تنته الى الآن، من إفساد كل ما أمكن، وإسرائيل هي التي ستدفع ثمن ذلك.

ينبغي ألا يعجب أحد اذا بدأت علامات السلام مع مصر تتلاشى واحدة بعد اخرى. ولا يجب ان يكون مفاجئا اذا تم الاعلان ان سفير إسرائيل في مصر شخص غير مرغوب فيه في مصر. لم يحدث هذا الى الآن، فجهازا الامن الإسرائيلي والمصري يؤديان عملهما في فقاعة، ومن الصحيح الى الآن انه لا دلائل على برود العلاقات لأن للجيش المصري مصالح استراتيجية مشتركة مع إسرائيل حتى دون صلة بالعلاقات بالولايات المتحدة. لكن الشارع المصري بدأ يضغط وسيضطر النظام الحالي الى ان يرمي له بعظم. ومن المؤسف جدا انه سيكون عظما إسرائيليا، ولا يوجد من يستطيع ان يوقظ الادارة الأميركية قبل ان تجر الاوروبيين ايضا الى ألعاب قوتها المبلبلة في العالم العربي.