الخيار الفلسطيني

بقلم: ناحوم برنياع

يصعب عليهم في الجيش الاسرائيلي ان يفهموا ما حدث للمستوطنين في يهودا والسامرة، وأين منعتهم التي افتخروا بها كثيرا، وأين الطريق الطويل الذي اعتادوا الحديث عنه. ان عنصر مخالفة القانون ينحصر في عمليات ‘شارة الثمن’: ففي ليل يوم الثلاثاء أحرقت سيارات في ثلاث قرى فلسطينية في الضفة، وفي حيين شرق القدس. ولا يوجد مشتبه فيهم، وفي هذه الحالة لا يمكن الاتيان بأدلة قانونية عليهم. وأفرج عن اثنين اعتقلا في مطلع الاسبوع من قبل المحكمة.

وبدأت مجموعة اخرى أقرب الى المؤسسة الاستيطانية، حملة دعائية لتغيير أوامر اطلاق النار. ان ناس هذه المجموعة يريدون دما ويريدون قتلى، وهم يعتمدون ضمن ما يعتمدون عليه على تقرير صحافي في صحيفة ‘معاريف’ بقلم حين كوتس بار، شمل لقاءات صحافية مع ضباط وجنود عادوا محبطين من مواجهات مع راشقي حجارة فلسطينيين. ‘كنت أقف مثل بطة مع وسائل لتفريق المظاهرات ولا استطيع الرد’، اشتكى بعضهم. ‘نشعر بأننا أذلاء’، اشتكى آخر.

اجل يلاحظ تصعيد في العنف الفلسطيني. والسؤال هو ما الذي يصح ان يفعله الجيش الاسرائيلي لمواجهته. وليس للجواب أية صلة بأوامر اطلاق النار.

قدروا في قيادة المركز ان صفقة شليط وعملية عمود السحاب في غزة ستكونان دعما للمقاومة. ولا تقود حماس التصعيد، بل فتح والتنظيم، بتعام وتشجيع احيانا من جهات في السلطة. ويحمل عبء بعض ذلك راشقو حجارة غير منظمين وعفويون. وتتاح لأبو مازن اربع امكانات، الاولى مصالحة حماس وهو غير معني به؛ والثانية الارهاب وهو لا يؤمن بالارهاب؛ والثالثة تجديد التفاوض مع اسرائيل، وهو لا يؤمن بأن التفاوض سيفضي الى اتفاق يستطيع معايشته؛ والرابعة انتفاضة سلب شرعية، أي اعمال لتسويد وجه اسرائيل في الساحة الدولية تصاحبها حجارة على الارض. ويبدو ان هذا سيكون الخيار المفضل فهو يؤمن بأنه سيعيد قضية فلسطين الى البرنامج العام في العالم وفي اسرائيل ايضا.

كيف حدث ان عادت حركة فتح، التي كانت تعاني منذ زمن بعيد فسادا وتعفنا وتناقضا داخليا الى الميدان؟ اجاب أحد قادة الجيش الاسرائيلي عن هذا السؤال بالقول التالي: ‘ان فتح مثل لغة الايديش. والايديش بحسب الكلام تحتضر منذ مئة سنة’.

ان الاسرائيليين الذين يعيشون غرب الخط الاخضر فقدوا كل اهتمام بما يحدث وراءه. يتجول عندنا هنا جون كيري وزير خارجية اوباما المتحمس، ويعرض خطة سلام ستبطن باربعة مليارات دولار للفلسطينيين، واقامة سلام مع اكثر اعضاء الجامعة العربية والاسرائيليين، ولا يتأثر أحد لا في القدس ولا في رام الله. وحينما يتحدث مع الفلسطينيين عن المال يذكرونه بأنهم لم يحصلوا بعد على مئات ملايين الدولارات التي وعدوا بها في الماضي. وحينما يتحدث مع الاسرائيليين عن السلام يسخرون منه من وراء ظهره.

في ما يتصل بالارض، فان حكومة نتنياهو الجديدة اكثر يمينية من حكومة نتنياهو السابقة. ويتحدث نتنياهو مع الامريكيين عن تجميد البناء خارج الكتل الاستيطانية في واقع الامر، لكنهم يبنون على الارض في المستوطنات القائمة. وتجري على اربع بؤر استيطانية غير قانونية الآن عملية تبييض؛ ويوسع المجال البلدي لمستوطنات قائمة للتمكين من بناء آخر. ويقف وراء كل هذه الاجراءات وزير الدفاع بوغي يعلون فهو صاحب السلطة.

ان الحكومة الحالية مثل حكومات سابقة تفرق بين كتل الاستيطان وحضن الجبل. والسؤال هو ما الذي تشتمل عليه كتل الاستيطان. يضم التصور الجديد الى كتل الاستيطان مستوطنتي فيلا وعاليه وجاراتهما في قلب الضفة الغربية. وهما تتصلان باريئيل بواسطة مستوطنة نوفيه نحاميا.

ويضاف الى ذلك سؤال كيف تنظر اسرائيل الى المنطقة ج. ان العالم يرى اكثرها او يراها كلها جزءا من الدولة الفلسطينية. أما يعلون فيراها ارضا اسرائيلية لا يجوز التخلي عنها بلا مقابل أو لا يجوز التخلي عنها البتة. وحينما يطلب القائمون بمشروع روابي المدينة الجديدة تعبيد شارع في المنطقة ج من الشمال يقصر الطريق الى نابلس، يعوق القرار عنده؛ وحينما يطلبون في الادارة المدنية اعداد خطة هيكلية لبلدة فلسطينية قائمة بين قرية التسال وتومير في غور الاردن يصد ذلك؛ وحينما تثار فكرة اسكان القبيلتين البدويتين اللتين تسكنان على طول الشارع الى البحر الميت قبالة معاليه ادوميم قرب أريحا، وحينما ينفق اصحاب مشروعات عشرات ملايين الدولارات على انشاء حي جديد اسمه ‘باب أريحا’، في المنطقة أ قرب أريحا يرفض تمكينهم من الوصول الى شارع.

ان يعلون رجل مستقيم (ومحارب جريء ايضا كما أظهر فيلم في برنامج ‘عوفده’ عن اغتيال أبو جهاد). وهو بصفته وزير دفاع يتصرف بحسب التصور الذي تبناه لنفسه في السنوات الاخيرة.

ان السياسة التي يلتزم بها في الاشهر الاولى من ولايته تسقط عنه مطاردة المستوطنين الذي أقضوا مضاجع أسلافه ومنهم ايهود باراك، لكن المطاردات لا تختفي فهي تنتقل منه الى قائد منطقة نتسان الون والى مرؤوسيه من الضباط.

ان النضال من اجل أوامر اطلاق النار هو طريق المستوطنين لاظهار حضور من غير المس بالحكومة القريبة الى قلوبهم.

حرره: 
م.م