تهدد اسرائيل بالقفز على رأسها في حرب سورية

بقلم: عاموس هرئيل

زادت الصحافة اللبنانية (الخميس) صباحا درجة التوتر في الشمال عدة درجات اخرى لا حاجة اليها، بعد ان اقتبست من مقابلة صحافية مع رئيس سورية بشار الاسد، تقول كأن روسيا قد نقلت منظومة دفاع جوي من طراز اس300 الى دمشق. ونظروا في اسرائيل الى هذا البلاغ في شك. وتبين في ساعات المساء ان النبأ المنشور كان سابقا لأوانه حقا، لأن الصيغة الكاملة للمقابلة الصحافية التي اجراها الاسد مع شبكة تلفاز حزب الله ‘المنار’، يتبين ان الاسد قال ان الصفقة ستتحقق في المستقبل، لكنه لم يزعم قط ان المنظومة قد اصبحت في حوزته.

تم التوقيع على صفقة الدفاع الجوي الكبيرة بين روسيا وسورية نهاية 2010، لكنها لم تنفذ بعد. وقد أعلنت روسيا على الملأ نيتها الامداد بالصواريخ في بداية أيار/مايو بعد وقت قصير من الهجوم الجوي الثالث، الذي نُسب الى اسرائيل على سورية. وكان يقف في الخلفية ايضا الجهد الروسي لدعم نظام الاسد في مواجهة الدعم الاوروبي للمتمردين، وقُبيل عقد المؤتمر الدولي عن الوضع في سورية.

يتوقع ان يطول مسار استيعاب منظومة الـ اس300 من نصف سنة الى سنة. ويفترض ان يشمل عدة مراحل، من ارسال مختصين سوريين للاعداد في روسيا الى وصول عناصر اولى الى سورية، ثم الى ادماجها في منظومة واحدة تُعرف بأنها عملياتية، ولكن يبدو الآن ان سورية ما زالت بعيدة عن قدرة عملياتية. وتفكر اسرائيل، بحسب التهديد الصريح لرئيس مجلس الامن القومي يعقوب عميدرور، بان تهاجم الصواريخ قبل ان تُنشر المنظومات في سورية، وبذلك تهدد اسرائيل بأن تقفز على رأسها في الفوضى السورية، وهي خطوة وعدت فترة طويلة بأن تبذل كل جهد للامتناع عنها. إن نافذة الوقت للهجوم ما زالت واسعة نسبيا من جهة مبدئية، لكن سيُحتاج مع القرار بالهجوم الى ان يؤخذ في الحسبان ايضا احتمال ان ترى روسيا ذلك تحديا لها.

لا عجب من ان عميدرور قلق. ان دخول الـ ‘اس300′ اذا تحقق آخر الامر فيه تغيير أساسي لمعادلة الردع الاستراتيجي في الشمال. في 1982 في حرب لبنان الاولى دمر سلاح الجو الاسرائيلي منظومة صواريخ ارض جو السورية في البقاع اللبناني، وتمتع منذ ذلك الحين بثلاثة عقود تقريبا من التفوق الجوي المطلق المدعوم بفهم الجانب العربي لمبلغ الضرر الذي يستطيع سلاح الجو إحداثه وقت الحرب. وبُنيت ردا على ذلك ايضا قوة الصواريخ والقذائف الصاروخية للجيش السوري ولحزب الله بعده، بغرض تهديد الجبهة الاسرائيلية الداخلية القابلة للاصابة مع الالتفاف على سلاح الجو الاسرائيلي. يصعب الحديث عن الحدود الشمالية بمفاهيم الاستقرار، لكن الردع المتبادل ساعد كما يبدو على إبعاد الحرب منذ كانت جولة القتال الأخيرة مع حزب الله في 2006.

ان نشر منظومة ‘اس300′ قد يُعرض للخطر حرية عمل سلاح الجو الاسرائيلي في الشمال. وقدر مسؤولون كبار سابقون في هذا السلاح أمس ان الجيش الاسرائيلي وقت الحاجة سيستطيع التغلب على عائق المنظومة الدفاعية الجوية، كما فعل في الماضي، وعلى حسب تقدير وسائل اعلامية اجنبية قد تكون اسرائيل تدربت في قبرص على طيران لمواجهة منظومة اس300. وما زال يوجد هنا الى الآن تغيير محتمل أساسي في المعادلة. يصعب ألا نتذكر المثلث الاسرائيلي المصري الروسي حول نشر الصواريخ المضادة للطائرات في منطقة قناة السويس بين أواخر حرب الاستنزاف وحرب يوم الغفران.

إن التطورات الاخيرة تعود وتثير علامات سؤال تتعلق بمبلغ الحكمة في الهجوم الاسرائيلي الثالث على سورية، حتى لو كانت روسيا ستعلن تنفيذ الصفقة لاعتباراتها الخاصة. ومهما يكن الامر بدا ان الاسد يحاول بدعم روسي ان يردع اسرائيل عن هجمات اخرى بطرق شتى من التهديد باطلاق صواريخ الى التحذير من اشعال الحدود في الجولان ثم الى صفقة الصواريخ في المستقبل.

حدث أمس تطور آخر يتعلق بالازمة في سورية بطريقة غير مباشرة، فقد أعلنت السلطات في نيجيريا عن القاء القبض على خلية لحزب الله خططت لعمليات موجهة على أهداف اسرائيلية وغربية، وقد بادر حزب الله وايران الى سلسلة هجمات مشابهة في أنحاء العالم في العام الماضي (ومنها في جورجيا والهند وتايلاند وبلغاريا وقبرص)، لكن ليس من الممتنع ان يكون التوتر بين اسرائيل وسورية قد ساعد على حث محاولة العملية الأخيرة.

حرره: 
م.م