المبادرة فقط تنتصر

بقلم:العميد (احتياط) تسفيكا فوغل

ثبت مرة اخرى اذا أردنا الحكم بحسب أنباء اجنبية نُشرت أنه اذا لم تطبق اسرائيل سياسة الردع العسكري للدول المعادية فلن يقوم أحد بذلك بدلا منا. لا تعترف سوريا في الحقيقة بأنه وقع هجوم على قافلة أو منشأة في داخلها، ولا يعترف لبنان بأنه تم تنفيذ هجوم من ارضه ولا يعترف حزب الله بأنه تلقى ضربة شديدة لمحاولاته إدخال مدن اخرى في اسرائيل تحت تهديد الصواريخ التي ربما تكون صواريخ ذات رؤوس كيميائية. إن عدم اعتراف جميع الجهات المشاركة من جهة، والقدرة الاسرائيلية على التحكم بغريزة نشر الأنباء من جهة اخرى، هما حجر الزاوية لتعزيز الردع.

لا شك عندي بأنهم أصبحوا في طهران ودمشق وأقبية حزب الله يشغلون أنفسهم بعد يوم من الهجوم، بالفحص عن مصادر تسرب المعلومات وبخيبة الأمل خاصة بسبب عدم قدرتهم على الرد. إن اصابات من هذا النوع، كالتي تُجهد وسائل الاعلام نفسها في نسبتها إلينا، لعلماء ومنظومات حواسيب في طهران، وقافلة سلاح في السودان وسفينة محملة بوسائل تدمير في مكان ما في البحر الاحمر، ولقادة الارهاب في دمشق أو مالطا أو قطاع غزة، تُحدث معا عنصر تخويف هو من أساطين الردع.

منذ كانت ‘حرب سلامة الجليل’، التي حارب الجيش الاسرائيلي فيها سوريا ايضا، لم تحتج اسرائيل الى محاربة دولة عدو جارة. فكل جاراتها مصر والاردن وسوريا ولبنان التي اتحدت في سنوات خلت لمحاربتنا، لا تتجرأ على اصدار نغمات حرب حقيقية الآن. إن الاستعداد لبذل كل جهد للدفاع عن أنفسنا وتصميم اسرائيل منذ 1948 على حماية حدودها بأربع حروب في مدة 34 سنة أحدثا ردعا لا يتضعضع، وإن سُمعت احيانا تغريدة روح قتالية من قادة عرب لكنها لم تحصل على قوة أوامر عسكرية بالحرب.

بيد أنه منذ 1982 أصبحنا نواجه عدوا من نوع جديد الارهاب الاسلامي الذي احتل بعضه لنفسه ارضا ويستغل البعض الآخر الارض الخصبة لعدم السيطرة في دول وسلطات ويُنمي قدرة الطفيلي. وقد كُتبت عشرات أو ربما مئات الكتب والمقالات المدروسة عن خصائص الارهاب وعدم قدرة الجيش على ان يهزمه. واقتنع غير قليل من القادة الامنيين عندنا بأن الامر كذلك ومالوا الى ان يوصوا بكل طريقة ممكنة ببرنامج ‘حُماة الحمى’، وأن يحاولوا التوصل الى مصالحات وتحادث مع تلك المنظمات كي ننجح في ان نُحدث عندها باعثا ايجابيا على ‘سلام بيت’.

بعد أكثر من ثلاثين سنة من قتال الجيش الاسرائيلي للارهاب، لا أشك في أنه في كل مرة تبادر فيها اسرائيل، تزيد الخوف في قلوب قادة الارهاب ونشطائه. إن قوة المفاجأة والنيران هي كابوس كل ارهابي. وفي كل مرة ترد فيها اسرائيل وتصيب شيئا مهما مؤلما لاعضاء المنظمات، تُحدث ثمن خسارة غير محتمل عندهم. إن مكافحة الارهاب تقتضي شد الاصبع على زناد الردع في كل يوم من جديد. ولا يجوز لنا ان نُمكّن المنظمات الارهابية من ان تُرسي مرساة الثقة في قدرتها على ضعضعة صورة حياتنا اليومية. يجب ان تشعر بأنها مطاردة في كل لحظة في بيتها وفي أسفارها وقدرتها على زيادة قوتها.

إن الهجوم الاخير الذي تنسبه مصادر مختلفة إلينا، أخرج هواءً كثيرا من الأشرعة فوق عمامة نصر الله. فالمبادرة والتصميم والقدرة على ترجمة المعلومات الاستخبارية الى هجوم دقيق وصامت كثيرا هي أُس عملنا. واذا استطعنا أن نفعل ذلك وقتا طويلا وبصبر فسنكتب فصلا جديدا في كتب محاربة الارهاب ونقود مسيرة تمنع دولا مسلمة كايران من ان تستعمل منظمات ارهابية لتكون مواقع خارجية تضرب باسمها وتتلقى الضرب بدلا منها. كنا نورا لغير اليهود وحان الوقت الآن لنقشع الظلام الذي يغطي الغرب ويجعله عالقا وإصبعه في السد بدل أن يبني سدا جديدا.

حرره: 
م.م