لا حق في اليأس

بقلم: أريئيلا رينغل هوفمان

صحيح أنه غير كثير وأنه يأتي ايضا في وجبات صغيرة وفروق زمنية تثير العصبية بين الوجبة والاخرى. لكن اعلان الجامعة العربية بأنها تؤيد تبادل الاراضي، هو اعلان يجب ان يكون الرد عليه أكثر شيئا ما المعذرة، أكثر بكثير من المباركة التي صدرت عن مكتب الرئيس بيريز وقول وزيرة القضاء لفني إن الحديث عن بشرى خير. لأنه من الواضح ان ذلك مبارك وواضح أنه بشرى خير.

أما غير الواضح والذي يستحق التوضيح فهو ما الذي ستفعله اسرائيل بهذه الزيادة على مبادرة السلام السعودية الموجودة على الطاولة والتي تنتظر وترتقب منذ عشر سنوات. والقصد كيف نقول بلطف لا لشكوك الوزير جلعاد أردان الذي قدّر أن هذا التصريح لن يأتي برئيس السلطة الفلسطينية الى طاولة المباحثات.

اذا كان يوجد شيء لا يجوز للحكومة الحالية ان تفعله، مثل كل حكومة اخرى تتولى عملها في دولة اسرائيل، فهو ان تيأس وتتعب وتتخلى وتضيع احتمال تسوية سلام اسرائيلية – فلسطينية. لا لأننا لا نستطيع الاستمرار في الوضع القائم مئة سنة اخرى بل لأننا لا نستحق الاستمرار في الوضع القائم حتى سنة واحدة.

إن المبادرة السعودية في 2002، التي نُقحت وصيغت لتصبح خطة سلام الجامعة العربية، تقضي بأنه بعد التوقيع على اتفاق سلام وانسحاب اسرائيلي الى خطوط 1967 ويشمل ذلك شرقي القدس العاصمة المرشحة للدولة الفلسطينية في المستقبل ستوافق الدول العربية جميعا على تطبيع علاقاتها باسرائيل.

إن اعلان وفد المتابعة من الجامعة العربية بعد انتهاء اللقاء في واشنطن مع وزير الخارجية الامريكي جون كيري ومع نائب الرئيس جو بايدن يُبين انه تبيّن للجامعة العربية انه لا يمكن بعد 45 سنة بعد الحرب اعادة الوضع الى ما كان عليه في الماضي وان ما كان لن يكون. ويجب الحديث في التغييرات التي سيتم الاعتراف بها وفي مبلغ أهميتها. وينبغي تجديد الاتصالات بالفلسطينيين والبدء بفك الألغام واحدا واحدا مع علم بأن ذلك لن ينتهي غدا لكن يجب ان يبدأ اليوم.

اذا كانت العجلة من الشيطان فان الشك في هذه الحال هو أخوها البيولوجي، وهو شر مريض لا حاجة اليه. وليس الكلام الذي يُكتب هنا هذه المرة ثمرة كشف عاصف وليس فيه دعوى مؤثرة. إن السذاجة هي التي تقضي بأنه يمكن دائما كسر الأدوات، واستقرار الرأي على أن هذا موقفنا الذي لن نتزحزح عنه، والبت والانهاء حقان لكل من يجلس حول الطاولة، لكن واجب الجلوس هناك مُلقى على متخذي القرارات. ويمكن ان ينشأ من هناك الشرق الاوسط الذي وعدنا به شمعون بيريز، وفي هذا المكان بالضبط تستطيع تسيبي لفني ان تدفع قدما بالأجندة التي عادت من اجلها بحسب شهادتها، الى السياسة والتي دخلت الحكومة من اجلها ايضا بحسب شهادتها.

إن التجربة الاسرائيلية – الفلسطينية مشحونة بخيبات الأمل والشك وعدم الثقة والاحباط وغير ذلك كثير. وكل قول مثل من هم لنعتمد عليهم طبيعي ومفهوم، لكن العمل يجري على هذا النحو. هكذا نشأ السلام مع مصر، فقد قال شخص ما شيئا ما واصطاد شخص آخر هذا الشيء في الهواء ولم يدعه يتحطم على الارض، وكسب الجميع عشرات السنين من الهدوء وإن لم يأت ذلك مع العناق والقُبل الحارة. إنها عشرات السنين التي ما زالت مستمرة في واقع الامر الى الآن. ولم يحدث ذلك هنا فقط بل حدث ايضا في العالم القريب منا، فبعد عشرات السنين التي أطلقوا فيها النار وقتلوا وجرحوا وعذبوا واغتصبوا وأبادوا وأخربوا وسطا بعضهم على بعض، بُني جسر بين الشعوب فوق هاوية الكراهية والاحتقار والخوف.

ويمكن ان يحدث هذا هنا ايضا. قد يكون الرد البارد من جهات سياسية، كالذي أطلقته اسرائيل أمس، جيدا لسجلات الناخبين أي لنوع محدد من الناخبين، لكن من المؤكد أنه لا يخدم مصلحة اسرائيل العامة، لأن الجميع أصبحوا يتفقون، ومنهم رئيس الوزراء نتنياهو، على أنه ستنشأ دولتان في نهاية الامر بين البحر والاردن. دولتان لشعبين. وأفضل شيء التذكير بهذا قبل حمام دم آخر وقبل ان تصبح القصص التي تُبين كيف كنا نتجول ذات مرة في الضفة تاريخا أو توقا.