البيت الابيض يرفض ان ينظر الى الواقع نظرا صحيحا واعيا

بقلم:ابراهام بن تسفي

كلما انقشع الضباب من فوق ميدان القتال في شوارع بوسطن، تبين أكثر فأكثر ان الأخوين سرناييف خرجا في حملة قتلهما بوحي من ايديولوجيات متطرفة وعسكرية صدرت عن الاسلام الجهادي.

من هذه الجهة فان الكشف عن الباعث على عمل الأخوين الذي كان مقرونا بعدائهما العميق للواقع والثقافة الامريكيين اللذين فتحا أبوابهما أمامهما، هو ضربة قاسية لادارة الرئيس براك اوباما. وذلك لأن خط الدم قاد مباشرة كما كانت الحال في واقعة نضال مالك حسن الذي قتل في تشرين الثاني 2009، 13 جنديا في قاعدة بورت هود العسكرية في تكساس بدم بارد، الى دعوة اسلامية متطرفة وقتالية. وكما ثبت بصورة قاطعة بعد ذلك كان ذلك الداعية الجهادي أنور العولقي الذي أدى دورا تأسيسيا ومُشكلا لفكر حسن.

إن جهود اوباما للانكار الدائم لأخطار الارهاب العالمي وتأثيراته المحتملة في طرق تفكير وعمل مهاجرين امريكيين آخرين حتى من اولئك الذين تم استيعابهم وذوبانهم بصورة كلية في ظاهر الامر في المجتمع المستوعب ونظام قيمه قد لطمت وجهه مرة اخرى. وكان ذلك برهانا قاطعا على ان الفرق بين هوى النفس والواقع الحقيقي الذي لا شفقة فيه عميق ولا يمكن عقد جسر فوقه.

حتى لو أمكن أن نتفهم طموح البيت الابيض الى ان يميز نفسه قدر المستطاع عن سلفه جورج بوش الابن الذي حصر برنامج عمله في مكافحة لا هوادة فيها للارهاب العالمي، فلم يكن من الحق تجاهل الطاقة الكامنة المدمرة الخبيثة التي كانت تكمن في مذهب ديني مشحون بالعنف وإن لم يكن لها دائما ترجمة تنظيمية ومؤسسية واضحة سافرة. إن هذا المذهب استمر على التغلغل الى تفكير أفراد حتى في القارة الامريكية وهو الذي كان في أساس العملية التفجيرية في بوسطن كما ثبت لنا في الاسبوع الماضي.

وقد حصلنا على مثال سافر على ذلك في قضية العملية التفجيرية في بنغازي قبل نحو من سنة. كان ميل ناس الادارة الامريكية المبكر الى تعريف الهجوم القاتل على القنصلية بأنه عمل عفوي لا عمل ارهابي مُدبر من القاعدة. وذلك برغم المعلومات الكثيرة التي أشارت الى اليد الموجهة التي وقفت من وراء العملية. ولم يكن من السليم سياسيا ايضا للادارة الامريكية ان تستعمل كلمة ‘ارهاب’ حينما تطرقت الى مشتبه فيهم في عمليات عنيفة اشتُقت جذورها الواضحة من تصور عام جهادي. إن الطموح المبكر الى التخفيف من وزن منظمة القاعدة وتوابعها والقضاء بذلك على تركة الرئيس بوش الابن هو الذي أحدث طائفة كاملة من تشويهات التصور الخطيرة في تفكير البيت الابيض وعمله.

على خلفية الكشف عن الشيفرة التشغيلية للأخوين سرناييف وبازاء الصلة التي تؤدي من بوسطن الى أنحاء آسيا حيث نضجت بذرة الاسلام الجهادي، يمكن ان نأمل ان يصحو الرئيس الامريكي من أوهامه وينظر نظرا صحيحا في الواقع الذي أمامه.

اسرائيل اليوم