مُدمروكِ ومُخربوكِ يخرجون منك

بقلم: إيزي لبلار

حينما زرت نيويورك في المدة الاخيرة أردت ان أُقدر آثار منح الرئيس السابق جيمي كارتر ‘جائزة السلام الدولية’ من قبل معهد القانون كاردوزو في مدرسة دينية يهودية جامعية. إن استكانة لا ذوق فيها كهذه من مؤسسة يهودية رائدة نحو عدو لدود للشعب اليهودي، من المناسب ان تستعمل صافرات الانذار في غرف جلسات المنظمات اليهودية المركزية.

إن مدرسة دينية جامعية أُسست قبل 127 سنة هي الدُرة في تاج المؤسسة الارثوذكسية الحديثة في امريكا. إن أبواب كاردوزو مفتوحة لكل امريكي لكنها تفخر بأنها مؤسسة يهودية تقدم طعاما حلالا وتغلق أبوابها في ايام السبت والأعياد اليهودية.

يتمسك الرئيس السابق كارتر بآراء معادية للسامية تحتفظ بالعداوة لقتلة الاله. وقد أعلن في الماضي ان اليهود يكرهون المسيحيين لأنهم ‘قذرون وغير مختونين’، ويرونهم ‘كلابا’. وقد كان واحدا من المهندسين المركزيين للحملة الدعائية من اجل جعل اسرائيل شيطانا باعتبارها ‘دولة فصل عنصري’، والتي أفضت الى استقالة 14 عضوا من مركز كارتر وفيهم المقرب اليه والمستشار السابق كينيث ستاين الذي اتُهم بأنه يكذب متعمدا على اسرائيل. وقد التقى كارتر وعانق قادة حماس وهو يحث الولايات المتحدة على مفاوضتهم. وهو يعارض ايضا جهود منع الايرانيين من الحصول على السلاح الذري.

قال ايلان دارشوفيتس انه لا يستطيع ‘أن يتخيل انسانا اسوأ يُمنح جائزة عن تسوية صراعات’. وقذف كارتر بأنه ‘مسؤول مسؤولية كبيرة عن الانتفاضة الثانية وبأنه يفضل الارهابيين على الاسرائيليين’.

إن كل رؤساء المدرسة الدينية الجامعية تقريبا رفضوا ان يلغوا أو حتى ينددوا بمنح كارتر الجائزة. وقد كان أول هم عندهم الرغبة في اظهار السلامة السياسية والامتناع عن التهم بالمس بحقوق الطلاب. ورفض رئيس الجامعة ريتشارد جوال فقط ان يتبنى القرار وأعلن خلافا لعميد كاردوزو البروفيسور كاثيو ديلر بشجاعة انه سيبتعد عن النقاشات. وأكد الى ذلك ان ‘المدرسة الدينية الجامعية تنظر في جدية كبيرة الى التزام المؤسسة بأن تنمو مثل سوق أفكار حرة مع استمرارها على الاخلاص لعملها المميز باعتبارها جامعة يهودية فخورة’.

يجوز لنا ان نذكر انه كان من غير المعقول كثيرا ان تقف سلطات مدرسة دينية جامعية جانبا تردد كليشيهات بشأن الحرية الاكاديمية لو أرادت احدى منظمات الطلاب فيها تكريم عنصري أو فاشي. وبرغم انه سُمعت احتجاجات من خريجين وطلاب في الجامعة، أظهرت المؤسسة اليهودية نفسها ضبطا للنفس مفاجئا. ولم تحث أية منظمة يهودية ذات شأن سلطات الجامعة، ما عدا منظمة ‘صهاينة امريكا’ على الغاء اعطاء الجائزة. وفي مقابل ذلك حينما تختار مؤسسة يهودية تكريم شخص ليست له شعبية في التيار الليبرالي تُسمع دائما تنديدات واحتجاجات واسعة على ذلك.

من المؤسف جدا وفي كل ما يتعلق باولئك الذين ينسبون اسرائيل الى الشيطان، إن الاتجاه هو الى ان يدفن قادة التيار المركزي رؤوسهم في الرمل ويثرثروا في حرية التعبير وفي الحاجة الى الحوار ومنع المواجهات. وهم يُصرون على ان الهدف الأعلى يجب ان يكون انشاء ‘خيمة كبيرة’ تشتمل على جملة الآراء الأكثر اتساعا وفيها تلك الآراء التي كانت تُعد في الماضي شاذة عن اطار التيار المركزي للطائفة اليهودية. في خلال الحرب الباردة نُبذ شيوعيون يهود كانوا يدافعون عن الستالينية من الجماعة واعتبروا أعداءً. وفي مقابل ذلك فان متابعي نهجهم الذين يشتغلون اليوم بالدفع قدما بالمقاطعات والعقوبات وباقناع الادارة الامريكية بالضغط على اسرائيل، يمتزجون بالطائفة اليهودية وسيعتبرون قريبا عضوا شرعيا آخر في الجماعة ‘التعددية’.

إن ظاهرة المجموعات الآتية من الطائفة اليهودية لكنها تعمل على اسرائيل دخلت الى المنظمات التي تدعي بأنها تدفع قدما بالقيم والمصالح اليهودية. إن فروع هيلل مثلا تستضيف في عدد من الأحرام الجامعية مجموعات مثل نكسر الصمت وتنشئ علاقات بمسلمين معادين لاسرائيل. وخصصت طائفة من الاتحادات اليهودية أموالا لمؤسسات معادية لاسرائيل. ويستضيف حاخامون وكُنس ومنظمات ثقافية يهودية راديكالية متحدثين يُشهرون باسرائيل.

يجب على قادة يهود مخلصين لاستمرار اليهودية ويعلنون حبهم لاسرائيل ان يُقروا معايير سلوك محددة. وليس في هذا سلب لحرية التعبير لكن اذا امتنعت الجماعة عن تحديد خطوط حمراء لاعضائها فستواجه فوضى واضطرابا وتضعضع القيم المشتركة التي مكّنت الشعب اليهودي من البقاء آلاف السنين.

اسرائيل اليوم