لدى امريكا خطوط حمراء مرنة حول ايران

بقلم: عمير ربابورت

رئيس دائرة البحوث في شعبة الاستخبارات العسكرية، العميد ايتي بارون، صعد أمس على لغم. تصريحه، الذي جاء فيه ان النظام السوري استخدم غازا من نوع سارين، لم يستقبل بعين العطف في واشنطن: فقد وضعت الولايات المتحدة استخدام السلاح الكيميائي كخط أحمر حيال الرئيس السوري الاسد. ويمكن لقول العميد ان يجعل الادارة تتخذ صورة العصبة الواهنة التي لا تتعاطى بجدية مع الخطوط الحمراء التي تطرحها.

لقد قال بارون ما قاله في اثناء مؤتمر لمعهد بحوث الامن القومي. ولم تكن أقواله زلة لسان. فقد ظهرت في المقدمة التي اعدت قبل بضعة ايام مسبقا.

وتطرق بارون في حديثه الى التقارير السابقة عن استخدام غاز سارين من قبل قوات الاسد فقال: ‘ضيق في حدقة العين وزبد يخرج من رأس′ الضحايا هي مؤشرات على ذلك.

كل من استمع الى بارون اقتنع بانه يقول ذلك بثقة تامة، دون علامات استفهام على مجرد استخدام السلاح الكيميائي. فهل قيل ما قيل عن قصد لممارسة ضغط على الامريكيين للعمل ضد السوريين أو لاحراجهم؟ يبدو أن لا. في قيادة الجيش الاسرائيلي حبذوا التشديد امس على ان بارون بدأ اقواله بكلمات ‘حسب رأيي’، بمعنى أن هذا ليس قولا قاطعا، بعد كل شيء. ومع ذلك، هل لدى اسرائيل دليل قاطع على أن الاسد استخدم بالفعل غاز سارين؟ هذا أيضا ليس مؤكدا.

يدور الحديث عن تقدير مهني، تشارك فيه ايضا أجهزة استخبارات اخرى في الغرب (في بريطانيا مثلا). ويحبذ الامريكيون، لاسباب محفوظة لديهم، التشديد على أنه لا يوجد برهان كهذا. والامر يجسد كم هو الخط الاحمر، وفي واقع الامر كل خط احمر، يمكن أن يكون مرنا.

وهذا أيضا: بعد بضع ساعات من أقوال بارون، القى رئيس معهد بحوث الامن القومي ورئيس شعبة الاستخبارات الاسبق، اللواء احتياط عاموس يدلين قنبلة اخرى: الايرانيون اجتازوا منذ الان الخط الاحمر في الطريق الى القنبلة النووية، قال، وتناول الخط الذي حدده رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، في خطابه الشهير في الامم المتحدة في نهاية السنة الماضية.

فهل هو محق؟ مرة اخرى الجواب سلبي. الخط الاحمر الاسرائيلي، كما يتبين، مرن بقدر لا يقل عن الخط الاحمر الامريكي. في الاصل، الخط الاحمر الاسرائيلي تجاه ايران، كان أنها لن توافق على نقل الاف اجهزة الطرد المركزي من نتناز الى منشأة تحت أرضية في بطن الجبل في بوردو، حيث لا يمكن تنفيذ هجوم يحدث أي ضرر. غير أن هذا الخط اجتازه الايرانيون منذ زمن بعيد قبل بضعة اشهر من الخطاب. ورغم ذلك، فان اسرائيل لم تهاجم.

لقد حاول نتنياهو رسم خط أحمر بديل، اكثر غموضا، بموجبه لن تسمح اسرائيل والولايات المتحدة لايران بالاقتراب الى مسافة لمسة عن القنبلة إذ عندها لن يكون ممكنا وقف الايرانيين. فهل وصل الايرانيون منذ الان الى هذه النقطة؟ كل شيء في نظر الناظر.

من جهة، لم يحصل اي شيء قاطع غير الواقع منذ خطاب نتنياهو وحتى اليوم. من جهة اخرى، كل شهر يمر يقرب الايرانيين من القنبلة النووية.

الكثير منوط بالوتيرة التي يقررون فيها مواصلة التقدم الى الامام. يمكن للايرانيين أن يتعززوا في فهمهم في أن نموذج كوريا الشمالية سينجح في حالتهم ايضا. في صباح باهر سيعلنون للعالم كله بان في حوزتهم قنبلة نووية، وعندها لا يمكن لاحد حقا ان ‘يقترب’ منهم.

معاريف