من دولة إلى شركة عنصرية

بقلم: سافي راخلفسكي

بين جميع أحداث العنصرية الحاخامية التي يُكشف النقاب عنها، وبين جميع وقائع الذكرى التي بدا أنها تنقل اسرائيل ، وبازاء وضع العلم الصغير المثير للقشعريرة على قبر فقيد من المؤكد انه طاهر العنصر اليهودي، برزت واقعة تحمل معاني كثيرة. لكن هذه الواقعة على التخصيص قد كُتمت في الحياة العامة.

أصدر رئيس وزراء اسرائيل بنيامين نتنياهو في يوم الذكرى اعلانا تحية لعظيم من عظماء التوراة وفقيه في الشريعة اليهودية ومُفتٍ كبير. وهو حاخام اعتقل لأنه يقف من وراء ‘نظرية الملك شرائع قتل الأغيار’.

إن الحاخام يعقوب يوسف المُشرف أضاف وأثار العجب بفتاوى عنصرية موجهة على العرب و’الأغيار’، والمثليين الى أن توفي. لكن كل ذلك يبدو قزما اذا قيس بالجملة البسيطة المثيرة للقشعريرة التي لا مفر من تكرارها وهي ان رئيس الوزراء قد شرّف من يقف من وراء ‘شرائع قتل الأغيار’ باعتباره ‘مُفتيا كبيرا’.

لو أراد زعيم غربي ان يفعل ذلك لما استطاع، فلا يوجد في الغرب من يُصدرون كتبا تتناول ‘شرائع قتل اليهود’ ولا ‘شرائع قتل غير النصارى’ أو ‘قتل غير البيض’. فلو وُجدوا لذُهب بهم الى السجن، ولأُبعد مُشرّفوهم باعتبارهم ‘مُفتين كبارا’ بمرة واحدة عن الوظائف العامة.

ولا يوجد مثل هؤلاء بالضبط حتى في أشد البلدان الاسلامية تطرفا، ولا توجد ‘شرائع قتل يهود’ أو ‘شرائع قتل من ليسوا من المسلمين’. لا توجد فتاوى تبارك العمليات الانتحارية وقتل الصهاينة ولا توجد رخصة بقتل عنصري واسع.

إن قول نتنياهو الذي هو أشد كثيرا من قوله إن ‘اليسار نسي ما معنى ان تكون يهوديا’، كان في حقيقة الأمر ذروة أو درك ما أصبح استمرارا لمراسم المحرقة الذكرى الاستقلال، التي فعلت كل شيء من اجل القضاء على شطر رئيس من الدرس التأسيسي وهو ‘لن يكون ذلك بعد’ المضاعَف.

لم يعد ‘لن يكون ذلك بعد’ اعتراضا على كارثة عنصرية بل هو اعتراض على ان يفعلوا ذلك بنا فقط؛ ولم يعد سقوط الأبناء من اجل أمل السلام بل هو نوع فقط من التنبيه المخيف لثمل في ‘الأمير الصغير’: إنها دولة تُدمن على ذكرى إنساء القتل بالغرق في دائرة قتل لا نهاية لها لا ينبغي ان يُطلب الخروج منها؛ ولم يعد الاستقلال من اجل انشاء مجتمع نموذجي كي يجسد روح الأنبياء مع حب المساواة وحب ‘غير اليهودي’ باعتباره أجنبيا، ويقول لذلك على الوعد بالمساواة التامة في الحقوق دونما فرق في الدين والجنس والعنصر.

في حين تتلذذ قيادة اسرائيل بما يشبه البرهان من بوسطن ليرى العالم مبلغ فظاعة الاسلام وليُخلي بين اسرائيل واحتلالاتها تم كتم الشيء الرئيس. إن اسرائيل قد أخذت تتغير وتظهر بمظهر مجتمع عنصري يُحيي فيه رئيس وزراء الدولة التي نشأت بعد قتل اليهود مؤلف كتاب ‘شرائع قتل الأغيار’ تحية شرف.

إن شريعة نتنياهو التي تؤيد في واقع الامر ‘شرائع قتل الأغيار’ تتجاوز الفتاوى الحاخامية التي تسيطر على الجيش الاسرائيلي والمجتمع كله والتي تتحدث عن إباحة اغتصاب أسيرات غير يهوديات، أو عن عدم التساوي ‘الضروري’ بين اليهود و’الأغيار’ في الدولة. وليس الحديث عن فتاوى جديدة بل عن الدلو الذي أخذ يمتلئ منذ زمن بعيد وكأنه يستمد من الهاويات العنصرية التي حذّر منها هاينرخ هاينِه. وهو دلو يؤدي به تأييد رئيس الوزراء الى أن ينصب الى الخارج ويُسكب على المجتمع كله.

يبرز في هذا المسار المثير للقشعريرة دور يئير لبيد الذي جاء مع شوق الى ‘دولة سوّية’. ولما كان كذلك فان بقاءه مُعلق بابتعاده عن العنصرية الخبيثة. وقد خطا أول خطوة نحو ذلك بتأييد ما لـ ‘نساء حائط المبكى’. ولا يجوز له ان يكون جزءا من التشريع والواقع ذي الأساس العنصري المعادي للمساواة. إن جميع التعبيرات عن تجاوز مباديء المساواة والحياة السوّية على اختلافها هي أسماء خاصة فقط في حين ان اسم العائلة هو نتنياهو وهو الشخص الذي يريد لبيد ان يحل محله ومحل روحه.

وما زال الشخص هو نتنياهو، فاذا لم يُعزل من يأتينا بشرائع القتل فان عاره سيحرقنا جميعا.