هل ثمة استراتيجية أميركية لمستقبل الشرق الأوسط؟

بقلم: تشيلو روزنبرغ
أحيت رحلة اوباما الى منطقتنا الأمل في أن يكون للولايات المتحدة استراتيجية عامة تجاه الشرق الاوسط الآخذ بالاستيقاظ. وتحاول محافل أميركية رفيعة المستوى تحليل الواقع المعقد الناشئ في أعقاب "الربيع العربي" في ظل النظر الى التطورات في المنطقة كجزء من الفترة الانتقالية اللازمة في أوقات الثورة.
ويستند فكر كبار رجالات الإدارة الأميركية والرئيس نفسه الى مبدأ "اللاعب العقلاني" كما يجد تعبيره في الغرب. فليس ثمة أي يقين بأنّ ما يعتبر عقلانياً في الغرب مشابه بالضرورة لما هو عقلاني في نظر اللاعبين في الشرق الاوسط. نفترض انه يوجد اخفاق بنيوي في فهم التطورات في منطقتنا. والمفارقة هي ان كل ما جرى حتى اليوم انطلاقا من تلك الرؤية الواعية لـ "اللاعب العقلاني" ليس فقط لم يؤد الى النتائج المرجوة بل انه في حالات عديدة يعتبر في نظر اللاعبين في الشرق الاوسط ضعفاً من جانب الغرب.
اخفاق استراتيجي مهم آخر في نظري هو الامل في أن تتسامى روسيا والصين وتهجرا الدعم الدولي الجارف للانظمة القائمة اليوم، بما في ذلك النظامين الايراني والسوري. وهذا اخفاق فكري، في افضل الاحوال أو سوء فهم أساس بأن تسمح روسيا والصين للولايات المتحدة وللغرب بأن يكونا اللاعبين الوحيدين في الساحة. فالغرب لم ينجح في تعطيل النفوذ الروسي والصيني في منطقتنا، ويخيل انه في الفترة القريبة القادمة لن يكون ثمة تغيير حقيقي.
جاء خطاب الرئيس اوباما في مباني الأمة في القدس لتهيئة قلوب الاسرائيليين. وليس صدفة أن ادعى الرئيس بأن من واجب الشعب الضغط على زعمائه للوصول الى قرارات حاسمة صعبة، ولكن ضرورية، من أجل حياة فضلى. وثمة من يدعون بان اوباما بالتأكيد "اصاب" قلوب الاسرائيليين.
وماذا يحصل في الدول الاخرى في الشرق الاوسط؟ رفعت الثورة في مصر "الإخوان المسلمين" الى الحكم بثمن دموي باهظ لم يتوقف حتى اليوم. وهذه منظمة كانت منبوذة سواء في اسرائيل أم في العالم الغربي، وها هي في لحظة تاريخية واحدة، في خطوة ديمقراطية، تصعد الى الحكم. ويوجه المزيد فالمزيد من القريبين من أُذن الرئيس الأميركي الى الحوار المباشر مع "الإخوان المسلمين"، وبزعمهم فان مرسي وحكمه سيختبران حسب سياستهما من مطالب الاسرة الدولية، السلام مع اسرائيل ومكافحة الإرهاب.
سورية هي مسألة معقدة للغاية. حتى الآن امتنعت الولايات المتحدة عن العمل عسكرياً الى جانب الثوار الذين ليسوا سوى متزمتين اسلاميين. ولا يوجد أي يقين بأن تكون الولايات المتحدة قادرة، حاليا، على حسم مصير الحكم. ومع ذلك، فان سياسة الولايات المتحدة، تركيا واسرائيل هي ان تمنع بكل ثمن استخدام أو تسرب السلاح غير التقليدي الى محافل الارهاب، ولا سيما "حزب الله".
لقد فهم اوباما جيدا بان تركيا لا تريد ولا تستطيع الوقوف جانبا في حالة سورية. ومن هنا فان التسوية التي تحققت مع إسرائيل مباركة جدا. في مقال آخر زعم ان موضوع مرمرة ليس سوى فقرة قصيرة مقارنة بالتحدي الذي بانتظار اسرائيل وتركيا لوقف الخطر الرهيب الذي يلوح من جهة سورية. ثانيا، الرأي السائد في أن تركيا تؤيد إيران خطأ. مصلحة تركيا واسرائيل في وقف المشروع النووي الإيراني متماثلة تماما. ولتركيا دور حاسم في وقف ارساليات السلاح من ايران الى سورية والتي تمر عبر العراق. الولايات المتحدة غير قادرة على عمل ذلك وحدها. الأهم: إذا ما وعندما يصدر الامر للهجوم على إيران، لا شك أن تركيا ستشكل منطلقاً للهجوم.
تحاول الولايات المتحدة تعزيز قوة الانظمة الملكية العربية، بما في ذلك تلك التي في الخليج. مخاوف الزعماء كبيرة للغاية. وصرحت إيران منذ الان بان مساعدة واحدا منها ستؤدي الى تصفيته. في الأردن أيضا الوضع صعب. المسألة الفلسطينية لن تختفي عن ناظر الأسرة الدولية. من ناحية الولايات المتحدة تشكل هذه المسألة عائقا جوهريا في التقدم نحو ترتيب الوضع في الشرق الاوسط. رئيس الوزراء يعرف هذا جيداً. ينبغي الامل في أن يكون اوباما ونتنياهو منسقين في هذا الموضوع الحرج.