أوبــامــــا قلـــب جــــدول الأعمــــــال

بقلم: شالوم يروشالمي

كان هذا خطابا تأسيسيا، بل حتى تاريخي. كانت فيه رؤيا، كانت فيه حماسة وانفعال في الغالب. كانت في خطة عمل مفاجئة وليست معيارية، كانت فيه ايضا رسائل منطقية تتداخل وتعهدات لاسرائيل بحجم خالد. كان هذا خطابا يقول فيه رئيس امريكي لابناء الشعب في اسرائيل: "اسمعوا يا جماعة أنا معكم على طول الطريق، ولكن انهضوا وافعلوا شيئا بقواكم الذاتية، من أجلكم، من اجل مستقبلكم، من فوق رؤوس زعمائكم الذين لن يأخذوا ابدا المخاطرة ولن يقودوكم الى اي مكان". 

كانت هذه درة التاج لزيارة اوباما في البلاد. فبعد سنوات طويلة من الانشغال العقيم في السلام الاسرائيلي –الفلسطيني بما في ذلك في هذه الزيارة، اقتحم الرئيس مع الاحباط الذي راكمه الجمهور الاسرائيلي مباشرة.

فقد بحث اوباما عن نفوس تفهمه، وتستوجب رسالته البسيطة: انتم اقوياء بما يكفي كي تصنعوا سلاما مع الفلسطينيين، فتمنحوهم دولة مستقلة وهكذا ايضا لن تخسروا الهوية اليهودية والديمقراطية لدولتكم. وفي نفس الوقت يمكنكم ان تحرروا الشعب الفلسطيني من معاناته، وهذه هي احدى فرائض عيد الفصح. "نحن معكم"، قال اوباما بالعبرية، "انتم لستم وحدكم". 
لقد تحدث اوباما من القلب الى القلب. وخرج الجمهور في مباني الامة عن طوره. رأيتهم الى جانبي. مئات الشباب، تلاميذ الثانوية الذين لم يبلوروا بعد رأيا سياسيا، معظمهم لا يزالون يبحثون عن طريق لهم بانفعال لتعابير مثل "العدل"، و "اصلاح العالم". اوباما نفسه، هكذا وعد، يعلق عليهم كل الامل في مستقبل افضل. الثناء الذي أغدقه على اسرائيل، التقاليد اليهودية والفعل الصهيوني، الى جانب المطالبة بحل المسألة الفلسطينية أثرت عليهم جيدا. الكثيرون منهم ذرفوا الدموع. وفي كل مناسبة نهضوا وصفقوا، حتى لو لم يوافقوا، فهم لا يمكنهم أن يصمدوا امام الكاريزما. 

لقد بث اوباما من المنصة الرائعة في مباني الامة الرسالة لنتنياهو وزعماء اسرائيل الجدد ايضا. هو لا يعوّل عليهم كثيرا. وهو يجد فيهم جمودا، وان كان مستعدا لان يمنحهم كل الضمانات والثقة اللازمة. اوباما، مثلما في المؤتمر الصحفي في منزل نتنياهو، قلب الجدول الزمني للزيارة رأسا على عقب. 

لقد أراد نتنياهو أن تكون ايران في مركز الاهتمام. وكان يسر رئيس الوزراء ان يغلق الملف الفلسطيني داخل الجارور وأن يلقي بالمفتاح الى بحر غزة. اما اوباما فقد اراه ما هو المهم وما هو الملح من ناحيته أكثر. بعد الجزرة، جاءت العصا. 

لم يجرِ اوباما تنزيلات للفلسطينيين أيضا. فقد عرض على الطرفين نقطة انطلاق: ان يعترف الفلسطينيون باسرائيل كدولة يهودية، إذ ان هذا هو شرط نتنياهو؛ واسرائيل توقف البناء في المستوطنات كما يطالب الفلسطينيون. الزعماء، بالطبع، لن يقبلوا الخطة، ولهذا فان الشباب مطالبون بان يخرجوا الى الشوارع بالمئات وبالالاف وان يفرضوا الطريق الصحيح على زعمائهم. "السلام يبدأ بقلوبكم"، اطلق اوباما السهم مباشرة الى مركز الجسد. 

هل هذا سينجح؟ من يدري؟ أحد لم يتوقع مظاهرات الاحتجاج التي ادت الى تغيير في سلم اولويات الحكومة في اسرائيل. ولعل الاحتجاج السياسي سيغرق الشوارع، وعندها يمكن للرئيس اوباما أن يسجل لنفسه حقوق الطبع.