تهيئة إسرائيل لقبول مبادرات أوباما

بقلم: البروفيسور ابراهام بن تسفي
في الرابع من حزيران 2009 خطب اوباما خطبته التأسيسية في جامعة القاهرة، حيث مد فيها يد المصالحة إلى العالم الاسلامي، وافتتح بذلك مبادرته الاقليمية الطموحة. خُصص لإسرائيل في اطار هذه الرؤيا دور ابتدائي باعتبارها جهة كان يفترض ان تكون تنازلاتها من طرف واحد في الفضاء الفلسطيني (وفي مركزها تجميد البناء في المستوطنات عشرة أشهر) لتمهيد الطريق لصوغ محور عربي سوري معتدل. وآمن اوباما بأن هذا المحور سيكون مستعدا لربط مصيره والتعاون تعاونا شاملا مع القوة العظمى الأميركية ولا سيما على خلفية انسحابها من العراق.

مرت اربع سنوات تقريبا منذ وُضع الأساس الفكري للسياسة الأميركية الجديدة، وتهاوى الحلم كله ما عدا صدى خافتا من خطبة اوباما في القاهرة – مع مشتقاته الاستراتيجية –منذ زمن في هاوية النسيان. وكان "الربيع العربي" هو العامل المركزي الذي زعزع الساحة وأدى سريعاً الى انهيار التوقعات السابقة لأوانها.
هبط الرئيس الـ 44 في اسرائيل في ظروف وشروط مختلفة تماماً عن تلك التي استقبلته حينما جاء إلى القاهرة. وبعد أن قُضي على مخطط التحالف الإقليمي لم يعد يحتاج الى الحفاظ على استراتيجية التباعد والكتف الباردة لاسرائيل التي استعملها في بداية طريقه عندما كانت جزءا من جهوده لانشاء المشاركة العربية المأمولة. بالعكس، فبسبب التهديد الايراني الذي يزداد قوة وبازاء الزعزعات التي ما زالت تصيب العالم العربي، نضجت عند اوباما معرفة بأن ليست اسرائيل فقط جزيرة استقرار داخل محيط عاصف عنيف بل من الضروري عنده أن يُزيل مخاوفها وارتيابها من توجهه واسلوب سلوكه معها.

من الواضح بعد هذا التمهيد لماذا توسَم الزيارة الرئاسية لاسرائيل بسمة جزرة الحوافز وتعبيرات الود والتأييد الدافئ لاسرائيل التي تم التعبير عنها تعبيرا فصيحا على نحو مميز بكلام التحية الذي صدر عن اوباما، أول من أمس، مع هبوطه. وخلافا لخطبة القاهرة التي تناول فيها الرئيس انشاء دولة اسرائيل باعتباره مشتقا مباشرة وبصورة حصرية من المحرقة، كان كلامه خلال المراسم في مطار بن غوريون يشبه توبة واصلاحاً حينما وسّع الحديث عن تراث الشعب اليهودي القديم وعن الجذور التاريخية العميقة للصلة بـ "أرض الآباء". فالحديث يدور عن جهد رئاسي لا مثيل له بغرض منح الرحلة بُعد التعاطف والود والتأييد العميق للجمهور الاسرائيلي وقيادته. وليس ذلك فقط لاتمام الانعطافة المطلوبة بعد البرود الذي أوحى به في مستهل طريقه في البيت الابيض بل عن تقدير بان اظهار هذا الود سيمهد لاجراء حوار أصدق مع الحليفة الاسرائيلية.
يأمل اوباما، اذاً، ان تجعل هذه الاستراتيجية الجديدة اسرائيل أكثر ارتياحا وسكونا فيما يتعلق بالتزام القوة العظمى الأميركية بان تواجه بكامل الحزم وبكل الوسائل والأدوات التي تملكها جملة الأخطار والتحديات الاقليمية التي تتعرض اسرائيل لها.

إن غاية الزيارة الرئيسة، اذاً، اعادة بناء الثقة الاسرائيلية بنوايا الزعيم الأميركي آملا بان يفضي ذلك الى استعداد اسرائيلي أكبر للثقة بصاحب الهيمنة الأميركية وان تكون أكثر انفتاحا لمبادرات يأتي بها اوباما.