فــي إسرائيــل: العنصــريــة تحظــى بتعاطـف الجماهير !

 

بقلم: افيعاد كلاينبرغ

 

يثير الاتهام بالعنصرية لدى الإسرائيليين الرد الانعكاسي الشرطي؛ فنحن نرفضه على نحو آلي. وقد نُسبت إلينا العنصرية مراراً كثيرة لأسباب سياسية؛ وتمت تسويتنا مرارا كثيرة، عن حماقة أو تعمد آثم، بألمانيا النازية الى ان صار ميلنا الطبيعي لا الى تجاهل تشخيص المرض فقط بل تشخيص الأعراض أيضا. لكن الاعراض أخذت تكثر في المدة الاخيرة، وتوجد في المجتمع الاسرائيلي ظواهر عنصرية كثيرة ومقلقة. ولا يساعد الميل إلى الغائها بهز الكتف في القضاء عليها.

القُبح العنصري يظهر في سياقات مختلفة. فهو يظهر مثلا بين مشجعي بيتار القدس، الذين لم يعد فريق منهم يكتفون بكراهية العرب العادية، فوسعوا الكراهية لتشمل المسلمين جميعا. وهو يظهر كل يوم في هجمات كلامية على العرب، وفي شتائم وتهديدات للعرب لكونهم عرباً. وتظهر في اقوال رؤساء بلدات ومجالس ولجان قبول لا يخجلون من القول إن العرب غير مرغوب فيهم لأن العرب دون ولأن العرب هم العدو. وأخذ يظهر مؤخرا أكثر وأكثر في هجمات مادية: برشق للحجارة وضرب وبصق ومحاولات قتل حقيقية.

إن تفجر العنف العنصري هو دائما طرف جبل الجليد. فالجزء الذي يظهر فوق الماء يعتمد على كتلة كبيرة من المؤيدين الصامتين الذين يعتقدون ان اعمال المشاغبين قد لا تكون مرغوبا فيها لكن مقصدهم وإن لم يكن مرغوبا فيه مفهوم ويستحق التعاطف.

في دولة اسرائيل تحظى التصريحات العنصرية والعنف العنصري بالكثير جدا من التعاطف. واليهود مهما تكن افعالهم هم الضحايا دائما. إن الافعال العنصرية يندد بها أناس مثقفون بلغة واهية. ولا يُعاقب عليها أبدا تقريبا عقابا حقيقيا. ويرى المُربون ورجال القانون والساسة العنصرية شبه فتوة جاهلة يمكن تفهمها وإن لم يمكن تسويغها. ويحظى الضحايا بثوانيهم الـ 15 في وسائل الاعلام. ويفرقع مقدمو نشرات الاخبار بألسنتهم كما هو مطلوب، وتنظر الشرطة الى ذلك في هول. ويصمت قادة الدولة. وماذا عن "القادة الروحانيين"، أعني الحاخامين؟ أضحكتموني. فالعنصرية بعد كل شيء غير موجودة حقا. فالاعتراف بوجودها في واقع الامر انضمام الى كارهي اسرائيل وتعبير عن معاداة الشعور الوطني. وينتهي ذلك دائما تقريبا الى عقاب تربوي ما، والى اعمال خدمة، والى الالتزام بعدم العودة الى هذه الافعال أو ألا تُضبط وأنت تفعلها على الأقل.

ويبقى الاحتجاج في البيت. في يوم الاحد تظاهر عشرات في القدس ضد العنصرية. ولا تُرى العنصرية خلافا لاسعار جبن الكوتج مشكلة حقيقية في اسرائيل حتى في معسكر معارضي الحكومة لأن العنصرية لا يمكن ان توجد في دولة اليهود. وهي موجودة برغم ذلك. وليست موجودة على نحو ضئيل بل تنمو. يصعب ان نشير الى سبب لتفجر الكراهية العنيفة الاخيرة، فالاسباب المعتادة وهي الحرب أو عمليات التفجير أو الازمة السياسية أو الاقتصادية غير موجودة. فيُخيل الينا ان العنصرية الاسرائيلية قد انتقلت من طور الى طور. ولم تعد عنصرية سبت ويوم طيب بل هي عنصرية يوم عادي وهي جزء من نسيج الحياة العادية. وهم يلعنون العرب ويضربون العرب ويهددون العرب.

ليست العنصرية ربوا. وليست مرضا فوق السطح بل هي تعبير عن داء عميق يدمر الأنسجة. وكانت الحكومة تشمئز من العنصرية حقا، وكان قلبها مواطئا للسانها، وعملت في القضاء على هذا الداء قبل ان يستفحل، بل أعلنت أن العنصرية مشكلة وطنية وأنها الخط الاحمر الذي لن يُغتفر، إذا وُجد. ولعاقبت المخالفين لا بعقوبات "تربوية"، بل بغرامات باهظة وعقوبات سجن طويل.

ولا يقل عن ذلك أهمية أنه ينبغي ان يعبر المجتمع الاسرائيلي لا عن نفور من مخالفي القانون فقط بل عن تعاطف ايضا مغ الضحايا. في رد على ملاحظة معادية للسامية وجهت الى دانيال كوهين بنديت من قادة احتجاج طلاب الجامعات في العام 1968 خرجت الجموع إلى شوارع باريس تهتف "كلنا يهود المانيون". وحان الوقت لنقول: "كلنا عرب". كل من يبغض العنصرية عربي كما انه يهودي وأسود وصيني وهندي. اجل سيداتي وسادتي العنصريين، ان ما شعرتم به صحيح – أنا عربي.