حكــــومــــــة الملـــيـــــون مسـتــوطــــــن.. !

بقلم: ألف بن

ستنتهي المعركة الانتخابية، هذا الاسبوع، مع تشكيل الحكومة الى انتصار واضح لليمين. فقد أنعش رئيس الوزراء نتنياهو نفسه من الضربة التي تلقاها في صناديق الاقتراع، ونجح في أن يستخرج أكبر قدر في التفاوض الائتلافي الذي أجراه مع يائير لبيد ونفتالي بينيت. إن الثعلب القديم علّم المبتدئين السياسيين درساً.
بدأ نتنياهو التفاوض فقط بعد شهر من الاجراءات الباطلة التي كانت ترمي الى استنزاف مُحادثيه، فكان الشجار المغطى اعلاميا مع بينيت، ودموع التماسيح للانفصال عن الحريديين، وعرض وزارة المالية على شيلي يحيموفيتش، وضمان التفاوض السياسي لتسيبي لفني. وحينما انتهت الحيل الدعائية وترتبت المكعبات لمصلحة نتنياهو بقيت سياسة الخارجية والأمن في يد "الليكود بيتنا"، ورُكل لبيد الى وزارة المالية، وسيكون "البيت اليهودي" شريكا ثانويا.
تميز التفاوض الائتلافي باشتغال مبالغ فيه بالسخافات مثل الأشياء التي تكرهها سارة نتنياهو، كعدد الوزراء أو إنتاج "صورة نصر" لبيد من غير الحريديين. ودُفعت شؤون جوهرية كسياسة الخارجية والأمن الى خارج المباحثات ما عدا تحذير نتنياهو الأسبوعي من التهديد الإيراني والخطر السوري. بل ان السياسة الاقتصادية بُحثت في الهامش، هذا إذا بُحثت أصلاً.
نجح نتنياهو في جعل خصمه – شريكه لبيد قزماً وفي عرضه على أنه سياسي فارغ باحث عن التكريم والشهرة، أراد أن يُرفه عن نفسه في وزارة الخارجية بدل ان يبحث "أين المال" في المالية. وفي نهاية الأسبوع الماضي استسلم لبيد لحملة ضغوط إعلامية وتولى المهمة المثقلة التي أراد التهرب منها. وفشل أيضا في تطهير الحكومة من حقائب وزارية لا معنى لها مثل "القدس وأماكن الشتات".
تنتهي الآن "ألعاب العرش" وتبدأ الحياة الحقيقية. ولحكومة نتنياهو الثالثة هدف واضح هو توسيع المستوطنات وتحقيق حلم "مليون يهودي في يهودا والسامرة". ويفترض ان يحبط هذا العدد السحري تقسيم البلاد ويمنع مرة واحدة والى الأبد انشاء الدولة الفلسطينية. وستُسلم الوزارتان ذواتا الصلة، وهما الأمن والإسكان، الى بوغي يعلون وأوري ارئيل. ولن يجلسا فيهما كي يُجمدا البناء بل ليُحققا تقرير ادموند ليفي وبرنامج عمل "البيت اليهودي"، أي ضم الضفة بالتدريج.
استعمل نتنياهو تعبير "الرياضيات" كي يُفسر صعوباته السياسية التي منعته من أن يُلين مواقفه نحو الفلسطينيين. وقد كان هذا في الولاية السابقة التي تولى فيها المعتدلان ايهود باراك ودان مريدور مناصب رفيعة. أما في الحكومة الجديدة فان الرياضيات تعمل بقوة أكبر ضد كل مصالحة في "المناطق". فاليمين المتطرف مُقوى وموحد، ويحتاج من يريدون ان يرثوا نتنياهو في "الليكود" الى دعم المستوطنين وسيفعلون كل شيء لإرضائهم ورشوتهم. أما الاعتدال السياسي فيفترض ان يعرضه لبيد ولفني لكن سيصعب عليهما أن يواجها يعلون وبينيت وساعر وكاتس وليبرمان ويائير شامير. وسيشترون لبيد بأمور صغيرة مثل "قانون تقاسم العبء" كي تظل المليارات تتدفق على المستوطنات، ولفني أضعف من ان تؤثر.
ستكون مهمة نتنياهو المركزية الحصول على هدوء سياسي يُمكّن من توسيع المستوطنات بكلفة ضئيلة من التنديد الدولي. وسيستمر في الحيلة الناجحة من الولاية السابقة، وهي التهديد بالهجوم على ايران وسورية، الذي يجذب انتباه الاميركيين. براك أوباما مشغول بتسكين الجبهة الإيرانية وبمنع اشتعال في الجبهة السورية ويغض الطرف عن اعمال اسرائيل في "المناطق". وهذه هي الصفقة التي سيسعى نتنياهو الى إحرازها مع اوباما في لقائهما، الاسبوع القادم، في القدس.
فقد نتنياهو من قوته في صناديق الاقتراع، لكنه استغل لمصلحته الشقاق في المعسكر الخصم وأنشأ حكومة مؤمنة بالقوة نحو الخارج وقومية نحو الداخل. وقيد إليه لبيد وبينيت الطامحين اللذين سيجهدان في إثبات أنفسهما وأبقى في الخارج الحريديين الجياع الذين سيستغلون كل شق كي يزحفوا عائدين إلى الحكومة. وكانت الزيادة من اجل النهاية انه خفض توقعات وزراء "الليكود" الذين تخلوا عن أحلام ترفيع مناصبهم وتوسلوا إليه للبقاء في وزاراتهم القديمة. هذه نتيجة مدهشة إذا قيست بالحملة الانتخابية البائسة لـ "رئيس الحكومة القوي" نتنياهو.