إنجاز جديد للبيد

 

قلم: سيما كدمون

لم يحدث أي شيء متطرف، ولم ينفجر التفاوض بين "يوجد مستقبل" و"الليكود" في وقت ما في آخر ساعات الليل، فهناك احتمال كبير لأن يصبح يائير لبيد وزير المالية القادم. من غير الواضح عندي ما هي السياسة الجديدة، لكنها اذا كانت فعل الشيء الصحيح فان اختيار لبيد هو السياسة الجديدة.

كان لبيد يستطيع الاصرار على حقيبة الخارجية. وكان ذلك سيثير انتقاداً، وكان ليبرمان سيقف على أطراف قدميه وكان ذلك سيضر بسلطة رئيس الوزراء ويضر بصورة لبيد العامة – وهو شيء ليس من الممكن اصلاحه في شهرين ناجحين في وزارة الخارجية. ان ذاكرة الجمهور قصيرة، ومن المؤكد أن لبيد كان سيأتي اسرائيل بالكثير من التكريم بعد اربع سنوات صعبة في الحلبة الدولية. من اجل هذا خاصة يجب ان نُجل قرار لبيد، الذي بدل ان يصر على طلب المنصب الملائم له جدا والخروج في الاسبوع القادم لحفل كوكتيل في واشنطن، اختار ان يجلس في الوزارة الأكثر اشكالية والأكثر تعقيدا والأكثر انكارا للجميل، وان يدرس من البداية التحديات التي ستواجهه في السنوات القريبة.

سيوجد من يقولونه انه لم يكن أمامه خيار، وانه كان يجب على من جعل في مركز حملته الانتخابية سؤال "أين المال" ان يختار وزارة يوجد المال فيها. وانه اذا كان يقصد حقا ان يحقق وعوده الانتخابية وان يكون مثل "شاس" للطبقة الوسطى، فان وزارة المالية هي مكان عمل ذلك.

وسيقول آخرون إن هذا مجنون. وسيسألون كيف يجرؤ؟ كيف أن انسانا ليس له أي علم بالاقتصاد ولم يُدر أي شيء قط يتولى المسؤولية عن حقيبة وزارية ثقيلة كالمالية كان ناس أكثر رفعة وخبرة منه يحجمون عن توليها؟ ونقول بالمناسبة إنهم الأشخاص أنفسهم الذين قالوا الكلام نفسه عن حقيبة الخارجية.

نقول قبل كل شيء انه كان عندنا غير قليل من وزراء المالية ممن لم يكونوا خبراء بالاقتصاد. لا يعني هذا أنهم كانوا وزراء مالية جيدين، لكن لا يعني أيضا أن ذلك ضمان للفشل. عند لبيد نقطة انطلاق ممتازة فهو ذكي ونشيط وسريع الفهم ويوجد عنده ما لم يكن موجودا عند وزراء مالية آخرين مثل شتاينيتس مثلا، فعنده قوة سياسية قوية من ورائه. ولا يمكن أن نبالغ في أهمية هذا الشيء لأن جزءا كبيرا من المنصب الذي تولاه هو القدرة على الثبات للضغوط السياسية.

لكن هذا غير كافٍ. سيكون مُحتاجا الى دعم رئيس الوزراء؛ فلا يستطيع أي وزير مالية ان ينجح دون ان يقف رئيس الوزراء من خلفه. ويجب ان نأمل ان يفهم نتنياهو ان نجاح لبيد هو نجاحه وان فشل لبيد هو فشله. والبشرى الطيبة هي انه لا توجد شحناء في الحقيقة بين نتنياهو ولبيد ولا يوجد تاريخ علاقات مشحونة كتاريخه مع بينيت. والبشرى السيئة هي انه ليس لدى نتنياهو أية مشكلة في إحداث هذه الشحناء. بالعكس هذا هو اختصاصه. لكنه اذا عرف كيف يعمل مع لبيد ولم يعمل كعادته صدورا عن الشك والإقصاء والتآمر فسيجد شريكا نزيها ذا نوايا طيبة.

اذاً، رغم ان الميل هو الى تأبين ساسة يتولون وزارة المالية ولا سيما سياسي شاب لا تجربة له مثل لبيد، فإننا نوصي بالانتظار لأن الأشهر الأخيرة قد برهنت على ان لبيد أشد صرامة مما يبدو. وقد خرج من الانتخابات مع ثاني أكبر حزب، وهو يخرج من هذا التفاوض مع إنجازات مدهشة جدا وهي: حكومة بلا حريديين؛ ووزير رفيع المستوى ووزير متوسط – رفيع المستوى على الأقل سيُمكنانه من العمل من اجل الطبقة الوسطى ومن اجل تصغير الحكومة أيضا. قد لا يكون هذا هو الحجم الذي أراده لبيد، لكن يمكن ان نُخمن فقط أية حكومة منتفخة ربما ستكون لولا عناده.

يُخيل إليّ ان المصوتين للبيد يستطيعون، الآن على الأقل، ان يكونوا راضين. وليس هذا أمرا يستهان به، فليس من المؤكد انه يمكن ان نقول هذا عن مصوتي أكثر الأحزاب الأخرى.

  يديعوت أحرنوت