قاضي نسخ ولصق

 

بقلم: عميرة هاس
 

في 14 كانون الثاني 2013 كان للقاضي العسكري العقيد موشيه تيروش يوم مكتظ في محكمة الاستئناف العسكرية: فقد استمع الى تسعة استئنافات على أوامر اعتقال اداري لفلسطينيين من سكان الضفة. وعلى الاوامر واقع العقيد يئير كولس الذي يعرف في البروتوكول بانه «قائد عسكري لمنطقة يهودا والسامرة». وقد اقرت كل الاوامر التسعة في مرحلة سابقة من قبل قضاة عسكريين آخرين. وفي كل الاحوال سمع تيروش المدعي العام العسكري، الملازم ايلي سيترون، يشرح لماذا ينبغي للاستئناف ان يرد، واستمع الى المحامين المختلفين الذين يدعون العكس. ونحن نفترض بان العقيد تيروش اطلع على المادة السرية في كل ملف، فحص تطابق المعلومات وتضاربها وتأكد من مصداقية المصادر. في ذاك اليوم رد تيروش تسعة الاستئنافات.
احد المستأنفين كان عبد الحكيم بواطنة. محاميه، حبيب لبيب، احتج على قرار المحكمة في عدم السماح له باستجواب ممثل مندوب جهاز الامن العام «الشاباك» – المخابرات. وعن هذا كتب تيروش يقول انه «من حيث مضمون الامر وفي ضوء جوهر المادة كانت المحكمة محقة في عدم السماح باستجواب مندوب المخابرات من قبل وكيل المستأنف». وكتب ايضا في قراره: «الاطلاع على المادة السرية، بما في ذلك المادة الخام، دون حضور الطرفين، يبين أن عن حق عرفت المادة كسرية وعن حق ستبقى هكذا. المادة تتضمن تفاصيل معلومات كثيرة للغاية، من مصادر مختلفة، تتطابق جزئيا مع بعضها البعض وتؤكد جزئيا بعضها البعض. بعض التفاصيل هي ذات خطورة حقيقية. ويتضح من المعلومات انه كان للقائد العسكري اساسا معقولا للافتراض، لاعتبارات أمنية جزئية، واستنادا الى تقدير الخطورة الذي يستشرف المستقبل، بان أمن المنطقة، وكبديل الامن العام، يستدعي أن يحتجز المستأنف في المعتقل. مدة الاعتقال متوازنة نسبيا مع الخطورة النابعة من المستأنف».
والان، كل ما تبقى عمله هو النسخ واللصق، فيكون لنا قرار للقاضي في كل باقي الملفات الثمانية. كلمة بكلمة. تسعة اشخاص. تسع حرمانات من الحرية بلا محاكمة، وذات الصياغة بالضبط. وبرأي حبيب، يطرح النسخ التخوف من أن «القاضي لم يمارس التفكير، فما بالك التفكير الحقيقي» وهو سبب كاف لالغاء القرار. بهذه الروح رفع حبيب هذا الاسبوع التماسا الى محكمة العدل العليا.
وجاء من الناطق بلسان الجيش الاسرائيلي التعقيب بان «حضرة القاضي موشيه تيروش هو رجل قانون قديم، يتولى منصبه كقاضٍ في الخدمة الاحتياط في محكمة الاستئناف العسكرية منذ سنوات عديدة. كل قرار اتخذه القاضي يتضمن موقفا مفصلا كاملا من كل أمر بحد ذاته، حيث ان القرارات وان كانت مبنية باسلوب مشابه، الا انها مصوغة بشكل خاص بكل حالة من حالات الاستئناف. وبطبيعة الحال، عند تحليل المعلومات الاستخبارية السرية، التي لا يمكن تفصيلها، فان الامر يتم في ظل استخدام تعابير مهنية قريبة».
المحاكم العسكرية هي شريط متحرك يدين مسبقا كل فلسطيني، لان كل فلسطيني يعارض مسبقا الحكم العسكري الذي فرض عليه. ولكن الاعتقال الاداري بشكل خاص يعد بحياة سهلة لهذا الجهاز العسكري: شخص يعتقل، لا يعرف بماذا يشتبه به، الادعاء العام لا يحتاج الى ان يتكبد اعداد لائحة اتهام، جلب ادلة وشهود، والتصدي لاسئلة الدفاع. كله في حملة كبيرة يشارك فيها وشاة مجهولون لا يمكن معرفة مصداقيتهم ومصالحهم، قائد عسكري، عميل مخابرات خفي وباقي الصحبة - قضاة وخريجي جامعات محترمة، اعتادوا على نزع الحرية دون محاكمة وبقدرة انتاج مثيرة للانطباع.