.. وبدأ عصر "ما بعد الأسد"

 

بقلم: عاموس هرئيل

في سورية، يقول مسؤول كبير في جهاز الامن الاسرائيلي، بدأ منذ الآن عصر ما بعد الاسد. وان كان الامر لا يزال يحصل بحضور الطاغية السورية. ومع أن الرئيس بشار الاسد يتمسك بقرون المذبح في الحكم بعد كثير من المواعيد التي ذكرتها في الماضي أجهزة الاستخبارات في اسرائيل وفي الغرب، الا ان الدولة السورية تفلت من بين يديه. فليس صدفة أن اختارت صحيفة "الايكونومست" البريطانية أن تتوج تقريرها الاخير من دمشق بعنوان "الدولة التي كانت معروفة في الماضي كسورية".

قضية اختطاف المراقبين الدوليين أول أمس، هي دليل آخر على فقدان سيطرة النظام. وكانت لمنظمة الثوار التي احتجزتهم، جناح اسلامي متطرف، اسباب محلية جدا لقرار اختطاف رجال الامم المتحدة. فالمنظمة تعاني من قصف الجيش السوري على قرية في وسط الجولان السوري، بمحاذاة الحدود مع اسرائيل. وجاءت عملية الاختطاف لتحقيق انسحاب الموالين للاسد من المنطقة ووقف القصف على القرية. ولكن الاعتداء على المراقبين، الذي بدا بأنه تحطيم لكل القواعد من جانب الثوار اتجاه الامم المتحدة، ليس أول خطوة من نوعها تضر بالامم المتحدة. فقد سبق ذلك اعتداء اصيب فيه مراقبون من النمسا، تحرش مستمر لرجال الامم المتحدة وفي الايام الاخيرة ايضا تقرير عن اختفاء عامل آخر من الامم المتحدة في سورية. اليابان سحبت منذ الآن رجالها من الجولان في السنة الماضية، على خلفية احتدام المعارك في جنوب سورية. ولا يوجد ما يدعو الى ايلاء اهمية مبالغ فيها لدور المراقبين اليوم. فمهمتهم هي مراقبة ترتيبات فصل القوات بين اسرائيل وسورية في هضبة الجولان وليس منع حرب أهلية – وبالطبع لم يكن لهم أي تأثير على وقف اعمال الذبح الفظيعة الجارية هناك. ولا يزال، كانت اسرائيل تفضل أن تبقى القوة في مكانها. مجرد تواجدها، كما يعتقدون هنا، يساعد على ان يبعد قليلا عاصفة المعارك على الحدود نفسها. ولكن تقليص اعمال المراقبين واضح منذ الآن على الارض وواضح ان الحدث الاخير ايضا لا يساعد في رفع معنويات رجال قوة الامم المتحدة.

ومع ذلك، فإن الادعاء وكأن "القاعدة" سيطرت على الحدود لا يزال يبدو مبالغا فيه قليلا. يوجد حضور لفصائل تتماثل في قسم منها مع افكار اسامة بن لادن، ولكن لا توجد هنا الآن سيطرة متواصلة بل خليط من المنظمات التي تستولي على قرى مختلفة وتدير كل الوقت قتالا ضد الجيش.

حسب التحليل الاسرائيلي يمسك الطرفان الصقريان في سورية الواحد برقبة الآخر، ما يسبب شللا متبادلا يمنع حسم الحرب. واعمال قوات المعارضة غير منظمة بما يكفي في المجال العملياتي كي تسمح بالحاق الهزيمة بقوات الرئيس والموالين له. والاسد يسيطر عمليا فقط في نحو ربع اراضي الدولة – اغلبية منطقة العاصمة دمشق والمنطقة العلوية في اساسها في قاطع الشاطئ في الشمال الغربي من الدولة. ويواصل الثوار اسقاط طائرات ومروحيات سلاح الجو في الوقت الذي يطلق فيه الجيش كل يوم صواريخ باليستية وصواريخ لمدى متوسط على المنطقة التي تحت سيطرة الثوار. ويصل متوسط عدد القتلى يوميا مؤخرا نحو 150 شخصا.

يبقى الاسد حاليا لأن الثوار لا ينجحون في جمع ما يكفي من القوة لتنسيق هجوم يؤدي الى السيطرة على دمشق وحشر الرئيس وقواته في الجيب العلوي في الشاطئ.

من يبقي الاسد على قيد الحياة هم مؤيدوه من الخارج – ايران التي تزوده بالمال والسلاح، "حزب الله" الذي يتبرع بمئات المقاتلين ورجال قواته الخاصة الذين يشاركون مشاركة فاعلة في المعارك، وروسيا التي تواصل سفنها انزال الذخيرة للجيش السوري في ميناء طرطوس في الشمال.

  هآرتس