حكومة إنعاش اقتصادي بشراكة بنيت ولبيد!

 

بقلم: نحاميا شترسلر

بنيامين نتنياهو غاضب على العالم كله. غاضب على الصحافيين المعادين، وعلى الجمهور الذي يجزيه بدل الاحسان بالاساءة. وهو شديد الغضب على أكبر الصحف في الدولة، التي تعمل كما يقول، بغرض إبعاده عن الحكم، وهو لا يفهم كيف لا يحفظ الجمهور العريض له الجميل لسنوات خدمته الطويلة من اجل الدولة – وهو يبدأ العد قبل 17 سنة، أي منذ العام 1996 حينما أُختير لرئاسة الوزراء أول مرة.

لو أنه استطاع لأمسك بالشابين الوقحين، يائير لبيد ونفتالي بينيت، ولطمهما لطمتين كي يوقفهما في اماكنهما. فهل المبتدئان يقرران له كيف تبدو الحكومة؟.

وحينما يُسأل كيف يمكن ان يقترح اعطاء شيلي يحيموفيتش وزارة المالية فيجيب بأنه ربما يفهم الجمهور بهذا روعة الاشتراكية والتجاوزات في الميزانية، والى أي هاويات يمكن ان يؤدي بنا ذلك.

أي أن اقتراحه على يحيموفيتش كان في حقيقة الامر اقتراح يأس أجوف، كان يفترض ان يُفرق بين لبيد وبينيت، وان يُدخل الحريديين الى الائتلاف. بيد ان الاثنين لم يُذعرا وعززا التحالف بينهما.

أدرك لبيد وبينيت ان نتنياهو لا يستطيع ان ينشئ حكومة مع الحريديين ويحيموفيتش. وتذكرا أن الانتخابات قُدم موعدها لسبب اقتصادي، فنتنياهو لم يكن قادرا على إجازة التقليصات المطلوبة من ميزانية 2013 لأن حكومته كانت تعتمد على الحريديين، ولهذا اضطر الى انتخابات مبكرة. فكيف يستطيع الآن ان يقتطع 30 مليار شيكل مع الحريديين أنفسهم الذين يطلبون ميزانيات أكثر مع زيادة يحيموفيتش التي تحيا أصلا في عالم الاتحادات وتتحدث عن زيادة النفقات بـ 146 مليار شيقل في خمس سنوات؟.

وليس هذا كل شيء لأن يحيموفيتش تريد ان تلغي تماما القاعدة التي تحد من زيادة نفقات الحكومة كي يمكن ان تُضاف ميزانيات بلا حد. ويقول في هذا حتى عوفر عيني في أحاديث داخلية إن هذا جنون خالص لأنه سيفضي الى تصرف أهوج في النفقات والى كارثة اقتصادية لأنه لا توجد أية دولة في العالم ليس لها حد لسقف نفقاتها ومنها كل الدول الاشتراكية الديمقراطية.

ولهذا من الواضح ان الحكومة التي ستقبل اقتراحات يحيموفيتش ستجر الاقتصاد الى ازمة عميقة، والازمات اليوم لا تحدث بصورة بطيئة وعلى التدريج فهي تحدث بسرعة عظيمة بانهيار مالي. إن الاسواق المالية هي أسرع مأمور شرطة في العالم فليس عندها رحمة وليس عندها استئناف. وقضاؤها لا مُعقب له. ولهذا ففي اللحظة، التي تدرك فيها انه حدث تغيير وانه توجد زيادات بدل التقليصات، تكون النتيجة في الحال: ضياعاً سريعا للثقة، وعرضاً ضخما لسندات دين الدولة، وانخفاض اسعارها وارتفاع اسعار الفائدة كثيرا كما حدث في اليونان والبرتغال وفرنسا واسبانيا. وتكون النتيجة غلاء حاداً لكلفة دين إسرائيل، أي ارتفاعا لنفقات الفائدة يقتضي اقتطاعات من التربية والصحة والرفاه. وتكون المرحلة التالية إضرارا شديدا بالقطاع الخاص بسبب الفائدة المرتفعة وإبعاده عن السوق نتاج زيادة نفقات الحكومة.

وهكذا وعن طريق الازمة المالية نتدهور الى ازمة حقيقية فتكون تقليصات في القطاع الخاص وإقالات من العمل وبطالة وانخفاض للنمو وانخفاض للتصدير ونقص سريع في قيمة العملة وعودة التضخم المالي المرتفع. وآنذاك ستضطر الحكومة في ظل عدم وجود خيار وبضغط من الاسواق الى ان تنفذ كل ما كان يجب ان تنفذه مسبقا، أعني تقليصات في الميزانية ورفع الضرائب واصلاحات بعيدة المدى في سوق العمل وفي القطاع العام وفيما يتعلق بزيادة المنافسة، بيد ان ذلك سيكون أصعب وأكثر إيلاما.

ولما كان نتنياهو يعلم كل ذلك –رغم غضبه على العالم كله والاشمئزاز الذي يشعر به نحو لبيد وبينيت – فانه يفهم انه يستطيع معهما فقط انشاء حكومة تنفذ ما يحتاج إليه الاقتصاد.

  هآرتس