مـن الـزعـيـم؟

 

بقلم: يوسي فيرتر

لأرييل شارون، الذي بلغ 85 عاما هذا الأسبوع، قاموس كامل من الأقوال الساخرة واللئيمة عن بنيامين نتنياهو، شريكه وخصمه وفي الأساس الكريه على نفسه. وعندما كان رجال شارون يلحظون ألعوبة، أو مؤامرة أو تلصصا سياسيا في محيط السياسي الشاب، كانوا يسألون زعيمهم: «ماذا نفعل مع بيبي؟» فيرد عليهم شارون: «على الأقل نحرص على أن حرمانه من التلذذ».

وحتى في غياب شارون يواصل نتنياهو عدم التلذذ وهو تقريبا يعاني عدم التلذذ. فحكومته الثالثة سيشكلها بعد حوالي أسبوعين. لكنه سيشكلها بمرارة، ومن دون شهوة، وبابتسامة مصطنعة، لأن قوى السوق أجبرته على ذلك. وقد ضيع شهرا بكامله في مناورات ملتوية كمن في أساسها هدف واحد أسمى من ناحيته: ضم الحريديم أيضا إلى ائتلافه المقبل. فقط في نهاية هذا الأسبوع، قبل ذهابه للرئيس شمعون بيريز لطلب مهلة إضافية، بدأ في اكتشاف علائم نفط أولية لإدراك مؤلم. علائم مترددة فقط، يتعذر عليه حتى الآن استيعابها. ووصف أحد الأشخاص المركزيين في مساعي إنشاء التحالف بين لبيد وبينت الأمر على النحو التالي: «نتنياهو مثل رجل تلقى الضرب، طرد من المدينة وحاليا يدق الأبواب متسولا الدخول ليأكل أيضا السمك النتن».

وفي اليوم الأخير بدا أن نتنياهو لم يقرر بعد ما إذا كان سيوفر على نفسه مقطع أكل السمك. وفي الـ 14 يوما التي تبدأ من يوم الأحد، من شبه المؤكد أنه سيفعل الأمر المطلوب: تخزين عواطفه وحساباته الشخصية وإنجاز اتفاقيات ائتلافية مع هناك مستقبل، البيت اليهودي وكديما. وسوية مع حركة ليفني سيشكل ائتلافا خاليا من الحريديم مع 70 عضو كنيست. وليس لديه ائتلاف آخر، إلا إذا كان شيء دراماتيكي يطبخ سرا.

وفي ائتلاف الـ 70، فإن يائير لبيد، الصحافي ومقدم برامج إلى ما قبل عام، ونفتالي بينت، وهو كاتب خطابات متقاعد، سيمسكان بيديهما، معا وكل منهما منفردا، بمفتاح بقاء الحكومة، وبأنبوب أكسجينها، وبالفرع الذي تجلس عليه. وليس لأي منهما مصلحة فورية في إسقاط نتنياهو ما دام يفعل ما في مصلحة الدولة، وما يرغب به معظم الإسرائيليين.

وتم دفن خيار الحكومة الأخرى نهائيا قبل أكثر من أسبوع، عندما انضم شاؤول موفاز (كديما) لتحالف بينت - لبيد. ويترأس موفاز كتلة من عضوي كنيست، ومكانته ووزنه في المحور متناسبان: متواضع ومتدني المعنويات. لكن من لحظة انضمام مقعدي كديما لـ 31 مقعد لبيد وبينت (19 و12 على التوالي)، خسر نتنياهو أيضا الرافعة النظرية التي كانت لديه بتشكيل حكومة 61-62 عضو كنيست مع الحريديم وحزب العمل أو البيت اليهودي. فمن دون موفاز والرجل الثاني عنده، إسرائيل حسون، لم يكن الأمر متوفرا، حسابيا.

أما من دفع موفاز لذراعي لبيد وبينت فهو المتقاعد المحتار إيهود أولمرت وعضو الكنيست السابق من كديما والرجل الثالث في القائمة، يوحنان بلاسنر.

ويأمل بلاسنر المجتهد في العودة للكنيست إذا تم تعيين موفاز وزيرا واستقال لمصلحته من الكنيست. لكن كمن قاد في الكنيست السابق النضال لتجنيد الحريديم، لا مصلحة له في أن يكون جزء من ائتلاف مع الحريديم يغمغم قضية التجنيد. وسيشعر بفرح أكبر ليكون جزء من تحالف لبيد-بينت.

وأسهم رئيس الحكومة السابق قوية جدا في كديما. وإذا عاد، فسيحتاج إلى بنية تحتية سياسية. لكن أولمرت لم يرغب أبدا في أن تكون كديما جزءا من حكومة ضيقة برئاسة نتنياهو، حكومة تكون مكروهة وعديمة التأييد الشعبي، الأمر الذي قد يقضي نهائيا على القليل الباقي من الحزب الكبير الذي ترأسه ذات مرة.

وأولمرت هو من ربط بين موفاز ولبيد، صديقه ومحرر كتابه. وقد ساعد في خلق منسوب الثقة المطلوب بين الرجلين، في سلسلة من اللقاءات السرية التي تمت بينهما قبل اللقاء الثلاثي بين لبيد، موفاز وبينت، في بيت الأخير في رعنانا قبل عشرة أيام، حيث أبرم التحالف بشكل رسمي.

ورسخ لبيد وبينت نهائيا تفوقهما العددي على نتنياهو. ونال موفاز منهما وعدا بالاهتمام بتوفير حقيبة تنفيذية له. وأوضحا له أنهما سيطلبان حقيبة الدفاع له، لكن ليس كشرط. فهما أيضا يفهمان حدود القوة والمنطق. وواضح للطرفين أنه إذا أفلح نتنياهو بطريق المعجزة في اللحظة الأخيرة في كسر شيلي يحيموفيتش التي تبدي عنادا جديرا بالإشارة، وضمها لحكومته فإنه سيعرض حقيبة الدفاع على موفاز الذي سيتخلى دون تردد عن رفاقه الشبان ويهرع للحكومة. من أجل إنقاذ الدولة طبعا. فوزارة الدفاع تنفي الأيديولوجيا، التحالف، أو أي شيء آخر.

وحتى الآن التحالف الثلاثي قوي وصلب. يوم الأربعاء الأخير، كجزء من نشوة العناق الجماعي الذي تفشى في قاعة الكنيست في الأيام الأخيرة، أيام الخطابات البكر لأعضاء الكنيست الجدد، أمسك لبيد بموفاز حينما كان هذا في طريقه إلى منصة الخطابة، لتهنئة عضو الكنيست الجديد يعقوب بيري. وأعاق لبيد موفاز قبل صعوده إلى المنصة وعانقه هامسا في أذنه همسة طويلة. موفاز أصغى وهز رأسه. وودعه لبيد بتربيت ودي على كتفه. مبعوثو رئيس الحكومة المتواجدين في القاعة شاهدوا والتقطوا الرسالة.

هآرتس