هل سيخطب أوباما في الكنيست؟

 

بقلم: ناحوم برنياع

توجد خمس مراحل حداد في النموذج النفسي الكلاسيكي لكوبلر ـ روس: الانكار والغضب والمساومة والاكتئاب والتقبل. وقد استقر رأي نتنياهو على استنفادها جميعا فأتى الانكار أولا: فقد نتج عنه خطبة النصر الجوفاء بعد يوم الانتخابات؛ وبعد ذلك استولى عليه الغضب ووجه في الأساس الى نفتالي بينيت الخصم من الداخل؛ وكانت المرحلة التالية هي المساومة: وكانت تسيبي لفني خاصة من بين جميع الكتل الحزبية هي التي حظيت بشروط مفضلة. وعرض مبعوثوه عروضا مبالغا فيها على اعضاء كنيست في احزاب اخرى ورجعوا بأيدٍ فارغة.

ثم أتى الاكتئاب عندها. فنتنياهو في أحاديثه الخاصة يتحدث في شعور بالمرارة عن انكار الاسرائيليين للجميل. فهو قد فعل الكثير من اجلهم وأعطاهم الكثير جدا، وخانوه. فقد غسل الاعلام المعادي أدمغتهم. وأوجدت وسائل الاعلام لبيد وبينيت للاضرار به فقط فهما ذراعاها، الذراع اليمنى والذراع اليسرى. وسار الشعب خلفهما زرافات زرافات.

إن الشعور بالاضطهاد جزء من الرزمة التي يأتي بها كل رئيس وزراء الى منصبه. يوجد من سيطروا على شعورهم بالاضطهاد ويوجد آخرون تركوا شعورهم بالاضطهاد يسيطر عليهم. إن وسائل اعلام كبيرة تقع تحت سيطرة نتنياهو المباشرة أو غير المباشرة. فهو مثل بيرلسكوني في ايطاليا (مع فرق دقيق واحد وهو ان بيرلسكوني بنى امبراطورية اعلامه بيديه أما نتنياهو فحصل عليها هدية). وبرغم ذلك فانه على يقين من انه ضحية اعلام قادر على كل شيء، اعلام غولي.

إن المؤامرة عليه تتجاوز الحدود فالعالم كله دبر مؤامرة لاسقاطه من أبو مازن الى بينيت، ومن نصر الله الى لبيد. فهو وحده في مواجهة العالم كله.

سخر الليكوديون عشرات السنين من ان اليسار صعب عليه تقبل حكم الناخب. "لست أحترم حسم الشعب"، قال اسحق بن – اهارون في مقابلة صحفية مع يعقوب احمئير بعد الانقلاب في 1977 وصاحب كلامه كل احزاب اليسار منذ ذلك الحين. واستولى على نتنياهو نفس المزاج العام فحسم الشعب يثير غضبه وهو لا يحترمه. ولذلك جاء الاستنتاج الآتي: انه يقول للآخرين ولنفسه ايضا انه سيفعل في هذه الولاية ما شاء لا ما يشاؤه الشعب. وهو يقول هذا في أحاديث خاصة وينظر في تعمق في استطلاعات الرأي بين حديث وآخر.

ستكون المرحلة التالية هي التقبل وقد أخذت تقترب، فهي مسألة ايام. وستتبين له مزايا الشراكة مع لبيد وبينيت. وستكون له حكومة منتصرين وستجتاز الميزانية بسهولة. ويأخذ بينيت يمينا ويأخذ لبيد يسارا وسيكون هو ماد الجسور والرئيس والشخص الذي لا بديل عنه. وستسقط مطالب المساواة في العبء من برنامج العمل حينما يصبح الحريديون خارج الحكومة. وتمر بضعة اشهر وتعود شاس. فشاس هي مثل الشيك تعود دائما.

صف الانتظار والرئيس

كان روبي ريفلين رئيس الكنيست في الولاية السابقة. وكان انتخابه من جديد مفهوما من تلقاء ذاته. تبدّل رؤساء الكنيست حينما كان حزب آخر يشكل الحكومة أو حينما كانوا يتوفون أو يعتزلون، ولم يحدث لريفلين أي واحد من هذه التشويشات المؤسفة. فهو قادر وهو محبوب وعزله سيُحدث عاصفة حقيقية في الليكود.

وبرغم ذلك له منافس. فقد أعلن يولي أدلشتاين وهو وزير في الحكومة الخارجة انه سيعرض ترشحه في مقابل ريفلين في حزب الليكود. إن ادلشتاين مُحتاج على عجل الى ترتيب عمل وهو يعلم ان الحكومة القادمة ستكون مقلصة ولن تكون مناصب الوزارة للجميع فهو يطمع في منصب الرئيس منذ زمن.

إن الجانب الآسر والتلاعبي في هذا الامر هو علاقته بالترشح لمنصب رئيس الدولة. ففي تموز 2014 سينهي شمعون بيرس فترة ولاية لسبع سنوات وستختار الكنيست بتصويت سري رئيسا جديدا. وريفلين مرشح للمنصب. وينوي ايفيت ليبرمان ان يعرض مرشحا من قبله هو دافيد ليفي، فليفي والد عضو كنيست (إبنته) في حزب ليبرمان وهو صهر رئيس مقر عمل ليبرمان. فهو اذا مرشح عائلي.

وقد بيّن ادلشتاين لليبرمان، ان صرف ريفلين عن منصب الرئيس سيقلل احتمالاته في الاقتراع وبذلك سيمهد الطريق لانتخاب دافيد ليفي. ولهذا يجب على ليبرمان ويجب على ممثليه العشرة في الكتلة الحزبية المشتركة مع الليكود ان يؤيدوه لمنصب الرئيس.

هل هذا معقد. ليس كثيرا. إتهم ادلشتاين ريفلين من وراء ظهره بأنه باعتباره رئيسا سيُسهل كثيرا على اعضاء كنيست من المعارضة وكل ذلك ليحصل على ورقة تأييدهم الاقتراعية في يوم الحسم. فاذا التزم ريفلين مسبقا ألا يرشح نفسه لمنصب الرئيس فسيكون ادلشتاين مستعدا لاسقاط ترشحه في صباح الغد. هكذا يقول لهم. وهو يقول لهم ايضا انه أصبح لديه 12 صوتا في كتلة الليكود الحزبية (رجال ليبرمان وهو نفسه). فاذا حصل على 4 اصوات اخرى فان وضعه لا بأس به.

قال له ليبرمان: لي اتفاق مع نتنياهو وجاء في الاتفاق انه هو الذي يقرر من يكون رئيس الكنيست. فاذا استقر رأيه على إتاحة حرية التصويت في الكتلة الحزبية فسيكون الامر مختلفا. ومضى الى نتنياهو ورفض نتنياهو ان يلتزم. وفسر ادلشتاين رفضه بأنه دعوة.

وسمع ريفلين من نتنياهو جوابا مشابها فأثر ذلك في نفسه. وقال لنتنياهو لماذا تُسيء الى كل من يعمل من اجلك. فأنت تسيء الى بينيت والى اييلت شكيد والى مديرك العام إيال غباي الذي يمثل البيت اليهودي اليوم، والى كثيرين أخيار آخرين.

اشتكى نتنياهو من ان ريفلين لم يُسكت اعضاء كنيست هاجموه بكلام لاذع. فقال له ريفلين هذه هي الديمقراطية وأنا لا استطيع ان أُسكت اعضاء كنيست.

ولم يقتنع نتنياهو. ومع ذلك، فان ديمقراطية ريفلين هي الآن آخر مشكلاته. فهو يحتاج الى انشاء حكومة ويستطيع ان يحيا مع كل ما عدا ذلك.

 

ظهور ضيف

هل سيخطب الرئيس اوباما في الكنيست؟ خطب قبله في الكنيست اربعة رؤساء. إن استقرار رأيه على ان يتجاوز الكنيست سيحبط هدف الزيارة الرئيس ألا وهو ان يحظى بثقة الاسرائيليين وتأييدهم. فالكنيست، أكثر من كل مؤسسة اخرى، هي الرمز الواضح للدولة وللسيادة. والكنيست هي القدس. وظهور اوباما في الكنيست مصلحة قومية اسرائيلية.

إن بولارد هو العائق. فقد قال الاشخاص الذين يتولون تدبير الزيارة في البيت الابيض لنظرائهم الاسرائيليين إنهم لا يخشون صيحات مقاطعة من اعضاء كنيست عرب. بل يخشون ان يشاغب في القاعة اعضاء كنيست من اليمين هم نشطاء في جماعة الضغط من اجل بولارد فيحرج ذلك الرئيس وتغرق الزيارة في عاصفة بولارد.

ويحاول نتنياهو ومستشار الامن القومي يعقوب عميدرور ان يُقنعا الأميركيين بأن الامر ليس كذلك. وقد زار الاثنان روبي ريفلين في فترة حداده لموت أخيه. وطلبا ان يُهديء اعضاء كنيست عُصاة.

تحدث ريفلين مع أوري اريئيل من البيت اليهودي. ويطلب اريئيل ان يتم تعيينه وزيرا. وكان الاتفاق على ان يُقدم اريئيل قبل الخطبة عريضة تدعو الى الافراج عن بولارد وان يسكت في اثناء الخطبة. وتحدث ريفلين ايضا الى عضو كتلته الحزبية موشيه فايغلين. ونشر فايغلين رسالة الكترونية هدد فيها اوباما بأنه اذا لم يُفرج عن بولارد قبل زيارته فسيخرج اعضاء الكنيست بصورة احتجاجية من القاعة زمن الخطبة. إن هذه التهديدات هي اسوأ ما في فايغلين فهي من جهة تسيء الى بولارد وهي من جهة اخرى تُحقر المؤسسة التي تدفع راتبه. وتحدث ريفلين مع فايغلين ووعد بأن يغيب عن الكنيست زمن الزيارة. وصدر عن ديوان رئيس الوزراء تنفس الصعداء.

إن المجلس العام من اجل بولارد ينشر في هذه الايام عريضة تدعو الى الافراج عنه. وهذا اجراء مشروع. فهو يمكث في السجن منذ 28 سنة أكثر من القاتلين وأكثر من المغتصبين المتسلسلين. وقد حان الوقت لانهاء هذا الفصل البائس. ويدرك رئيس المجلس العام ايفي لاهف ان الامر لن يُحل بالقوة وهو يقول ان بولارد ايضا يدرك هذا. حينما قام نشطاء المجلس بمظاهرة هادئة قرب القنصلية الأميركية في القدس انضم اليهم باروخ مارزيل وايتمار – بن غبير. وطلب النشطاء اليهما الابتعاد. وهم ايضا يتحفظون من تهديدات فايغلين ويريدون الوصول الى قلب اوباما عن طريق المؤسسة الاسرائيلية لا عن طريق هوامشها.